بمجرد الوصول إلى “غراميل نواحات” الواقعة على بعد 250 كلم غرب مدينة حائل تقريباً، تشعر بأنك انتقلت إلى كوكب آخر ، أو أنك بين أطلال مدينة مهجورة خاوية على عروشها بينما هي أرض وصخور داكنة مرتكزة كجذوع النخيل أو الأعمدة تثير دهشة الزائر وتجعله يطيل التأمل فيها، حيث تتكون “غراميل نواحات” من صخور عجيبة تحتوي على أكاسيد الحديد، مما يجعلها تقاوم تغيرات المناخ وعوامل التعرية فتظل صامدة.
صحيفة “أضواء الوطن” تواصلت مع الباحث في النقوش الثمودية ممدوح بن مزاوم الفاضل للحديث عن “غراميل نواحات”، والذي أوضح أن غراميل نواحات الواقعة غرب جبال عرنان تقع بين المعالم التي ذكرها الفارس عقاب العواجي في قصيدته وهو يتوجد على حبيبته نوت حيث قال :
من دون خلي حال (عرنان) و(كباد)
و(حلوان) مرفوع الحجى حال دونه
شدوا وخلوني علـى الـدار ركـاد
وقفت مع الجرعا تبـارى ظعونـه
والدمع من عيني على خدي أبـداد
مثل الغشين اليا أنتثر مـن زونـه
فرقى لطيف الروح ياحجاب لاعـاد
عقبه ضميـري يابسـات شنونـه.
ولا غرابة في ذلك، فالثموديين قبلهُ بآلاف السنين نقشوا نقوش المحبة والعشق على هذه الغراميل، فالمكان حين يمسي به العاشق ويرى هذه الغراميل ليلاً يخيل إليه انها بشر ، فيسبح بخياله ويتذكر محبوبته.
وأضاف الفاضل قائلاً: غراميل نواحات ذات التكوين الرملي الرسوبي ( Sandstone ) وذات الاشكال الغربية والجميلة والفاتنة، تقع عليها وبقربها الكثير من النقوش الصخرية التي تحكي أحداث الأمم السابقة، فنجد النقوش الثمودية، ورسومات الابل التي كانت ترعى حول نواحات ونجد النقوش النبطية و الآرامية.
كما أوضح المواطن جزاع بن سطم العنزي والذي يسكن في قرية قمرا القريبة من “غراميل نواحات” لـ صحيفة “أضواء الوطن”؛ أن من بين أسماء الغراميل: نواحة أم لغيف ، ونواحة أم ملح، مشيراً إلى أن سكان المنطقة كانوا قديماً يأخذون ملح البارود من أحد الكهوف الموجود في أحد الغراميل .