أم المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم واستهل فضيلته خطبته الأولى عن الشباب فقال : جعل الله تعالى في الحياة قوة بين ضعفين؛ وتلك القوة هي عماد حياته، الثمرة في آخرته، قال تعال:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ} .
وسن الشاب هو القوة بعد الضعف، وفيه توقد العزيمة، وعلو الهمة، ونفعهم عبر العصور كبير،
قال قوم إبراهيم عليه السلام عنه{ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } وقال تعالى عن قوم موسى عليه السلام:{فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ} قال السعدي رحمه الله: «أي: شباب من بني إسرائيل، صبروا على الخوف، لما ثبت في قلوبهم الإيمان »، وقال عن عيسى عليه السلام: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} قال ابن كثير رحمه الله: «{وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} أي: الفهم والعلم والجد العزم، والإقبال على الخير، والإكباب عليه، والاجتهاد فيه وهو صغير حدث السن ».
وقال تعالى عن أصحاب الكهف: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } قال أبن كثير رحمه الله «فذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب، وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل من الشيوخ ، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم شباباً».
ثم ذكر فضيلته تواضع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : فمن تواضعه عليه الصلاة والسلام يدني منه صغار أصحابه وضعفاءهم ولا يستكف مجالستهم، فال سعد بن أي وقاص رضي الله عنه “كنا مع النبي ﷺ ستة نفر فقال المشركون للنبي ﷺ: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، فأنزل الله تعالى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه .
وكان صلى الله عليه وسلم يسلم على الكبار، وإذا مر بصبيان خصهم بالسلام، عن أنس رضي الله عنه أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بصبيان فسلم عليهم».
قال ابن بطال رحمه الله: «سلام النبي صلى الله عليه وسلم على الصبيان من خلقه العظيم، وأدبه الشريف وتواضعه عليه السلام وفيه تدريب لهم على تعليم السنن، ورياضة لهم على آداب الشريعة ليبلغوا حد التكليف وهم متأدبون بأدب الإسلام».
والنبي صلى الله عليه وسلم وهو الرجل العظيم كان يمازح الصبيان، قال رد بن الربيع رضي الله عنه: «عَقَلْتُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَجَّةً مَجَّها في وجْهِي وأنا ابنُ خَمْسِ سِنِينَ مِن دَلْوٍ – أي- أدخل النبي صلى الله عليه وسلم في فمه ماء من وعاء ثم أخرجه من فمه على وجه الصبي» متفق عليه، بل ويسألهم عن طيورهم ويناديهم بكنيتهم ملاطفة لهم، قال أنس رضي الله عنه: «إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير يا أبا عمير ما فعل النغير -طير صغير-)» متفق عليه.
واختتم فضيلته خطبته الأولى عن أخلاق العظماء فقال : فكلما علت أخلاق العظماء تواضعت للصبيان، والصغير مجبول على التعلم من الآخرين ،وإدراكه في الحفظ والفهم قد يفوق الكبار، ودين الإسلام موافق لفطرتهم يحبونه ويحبون آدابه وشرائعه، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم تنشئتهم عليه، واحتقارهم والإعراض عنهم لا يوافق العقلاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي، وطريقته أكمل الطرق، ومعاملته أرفع المعاملة ، وصغار اليوم هم شباب الغد، وشباب اليوم هم أمل الأمة وعمادها، ومن ابتغى الخير للناشئة فليلزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله معهم، وبعنايته عليه الصلاة والسلام بصغار أصحابه وشبابهم آل إليهم العلم، وانتفعت الأمة بهم، ومن توفيق الله للصبيان تيسير عالم لهم يعلمهم دينهم، ويؤدبهم بأخلاق الأنبياء عليهم السلام.