في البداية سنحصر الحديث في هذا المقال عن الحيازات الزراعية وانواعها ، وما تمثله من اقتصاديات الزراعة في واديين من أشهر أودية المنطقة مدركة ورهاط .. هاتان الناحيتان تعد سلة غذاء المنطقة، و تكتسب أهمية في الحياة الاجتماعية في عصور مضت ، وان تبدلت الأحوال مازال دورها الاجتماعي قايم في حدود المقبول ، والإمكانيات المتاحة للإنسان المزارع ، ويتطلع الأهالي من حكومتهم دعم هذا المجال ، ومناشطه الاقتصادية ، وتطوير مرفق هذه الحيازات الزراعية ، وأهميتها لإنسان المكان باعتبارها جزء من المناشط الاجتماعية، ومصدر من مصادر اقتصادياتهم و كان مما سبق تدعمها عيون الماء التي تزيد
عن مائة وأربعين عيناً .. تتقدمها عين النبي عليه أفضل الصلاة و السلام باعلاء وادي رهاط نضاخة ومازالت نضاخة ، ومواسم الأمطار المتكررة ، ومن هذه الحيازات يتكون اقتصاديات المنطقة بخلاف اقتصاديات الماشية ، واقتصاديات الطرق العامة التي تربط المنطقة بعالمها الخارجي داخل الوطن الكبير .. وهذه الحيازات الزراعية لها دور فعال في معيشتهم الاجتماعية والاكتفاء الذاتي ومازاد وفاض يمد المدن المجاورة مكةالمكرمة وجده .. وهذان الواديان رهاط ومدركة لهما شهرتهما ، وذكر غير خامل فالأول تتجمع مياهه من سفوح جبال حرة رهاط ، وتدفع في هذا الوادي باتجاه البحر الأحمر بين واديين لهما ذكر في السيرة النبوية .. وأدي أمج ووادي عسفان .. ومن المعلوم بالضرورة سمية الحرة من شمال مكةالمكرمة الى جنوب المدينة المنورة حرة رهاط ، ولها ذكر غير خامل في متون كتب السيرة والمغازي ، وبطون معاجم كتب الأسماء والاماكن والرحالة التي تجوب الأقطار .. والثاني يأخذ مساقط مياهه من سفوح جبال حرة رهاط الجنوبية والشرقية ومصافق مياه جبل القرين والرواضة وحماة ثم يأخذ مساره متعرجاً بالالتواءاته الجميلة بين واحات زراعية نحو وادي الرجيع بين واديين شهيرين وادي مرالظهران ( وادي خزاعة ) ووادي عسفان وفي الرجيع وقعة موقعة تاريخية لسبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم .. عرفت بموقعة الرجيع وحماية الدبرة لجثة الصحابي عاصم بن ثابت رضي الله عنه من عبث المشركين بها ، وقد سبق ان دعاء الله وهو في غزوة أحدٍ ان يحميه حياً وميتاً من المشركين فحمى الله جثمانه من المشركين ميتاً .
الحيازات الزرعية في هذين الواديين وشعابها ومغزلاتها على ضربين : بعلية ومسقوية .. فالبعلية على ضربين : ماتسقى بالأمطار وماتسقى بالسيول .. ما تسقى بالأمطار ما كانت في منأى عن مجاري السيول والشعاب ومسايلها .. وماتسقى بالسيول التي تكتنف جانبي الأودية ومتونها ، ولها مساقي تمدها ، وتعتمد على انحدار السيول ، وتدافعها ، ونخفاض الركبان الزراعية او الحيازات .. تدرجياً ومتدرجة على ضفتي الوادي وانعطافاته ، والمساقي تعد مشرب البلاد الزراعية ، وتكون هذه المشارب منحدرة بين العقوم الزراعية ، ومجرى الوادي .. تسحب من مياه السيول للركبان الزراعية وزبيرها .. محمله بالطمي الذي يعد رب البلاد الزراعية ، و عامل رئيسي في جودة الثمرة لاسيما الحبوب الموسمية ، ولا يتطلب تقليب تربة الحيازة الزراعية بعد ارتواءها من السيل وطميه .
والحيازات المسقوية هي تعتمد على السقيه من الأبار السطحية أو الجوفية . تستخرج بالمضخات لغمر الأطيان الزراعية ، وسقيا الأشجار عبر جداول وأحواض يغمر بها الماء بالطريق البدائية.
وأجمل ماتراه من هذه الحيازات الزراعية اكتناف ضفتي الوادي ترصعه جمالاً وحسناً كحبات الولوء منتظمة في العقد تتوهج حسناً وتتلالاء كمشكاة تزيد المكان حسناً وجمالاً ، وحينما تهدر السيول يخرج أصحاب الحيازات من أجل فتح مشارب بلدانهم .. مصطحبين أسرهم وأولادهم من أجل مساعدتهم في تعديل مايتطلبه الموقف ، وتشاهد مجموعات واقفة على الزبير ومجموعات تسير فوق العقوم والبعض تسلخ الأكباش المعلقة في الاشجار والنساء حول القدور يقومن بإعداد الطعام لمن يساعدهم من الاقارب والمعارف .. مستمتعين بالأجواء ،ومستبشرين بالسيول . نسأل الله التوفيق والحمدلله ثم الحمدلله ثم الثناء والشكر لله على نعمه التي لا تحصى .. يتقدمها الآمن والوطن .. دام عزك ياوطن ودامت رموزك ،،،