انتشرت، اليوم الأحد، قوات أمنية هجينة بكثافة وسط العاصمة السودانية الخرطوم وعلى مداخل الجسور الرئيسية الرابطة بين مدن العاصمة الثلاثة، الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، منعا لوصول محتجين ينظمون مسيرة جديدة نحو القصر الرئاسي مطالبين بالحكم المدني وإبعاد الجيش عن الحياة السياسية.
وقال شهود عيان لموقع سكاي نيوز عربية إن أفرادا مسلحين دخلوا إلى بعض المؤسسات القريبة من القصر الرئاسي وطلبوا من العاملين المغادرة مبررين ذلك بـ”إجراءات أمنية”.
وتأتي هذه التطورات في ظل غموض كبير حول وضع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي نفى مكتبه وضعه مجددا تحت الإقامة الجبرية بعد أن تحدثت تقارير عن وقف خطاب كان يعتزم فيه تقديم استقالته الجمعة.
في الاثناء أدانت الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة العنف “المميت” الذي استخدمته السلطات السودانية ضد المحتجين السلميين؛ وطالبتا باحترام حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات.
وهدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس السبت، بأن بلاده سترد على أولئك الذين يسعون إلى إعاقة تطلعات الشعب السوداني الرامية للوصول إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية والذين يقفون في طريق المساءلة والعدالة والسلام.
ومنذ أكثر من شهرين يشهد الشارع السوداني احتجاجات مستمرة رفضا للإجراءات التي اتخذها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، والتي أعلن بموجبها حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء.
ووجهت تلك الإجراءات باحتجاجات شعبية لا تزال مستمرة حتى اليوم رغم الاستخدام المفرط للقوة ضدها والذي أدى إلى مقتل 53 شخصا وإصابة المئات بالرصاص الحي وعبوات الغاز المسيل للدموع.
وبالتزامن مع استمرار التصعيد في الشارع؛ طرحت مجموعة من المبادرات لحل الأزمة السياسية أبرزها تلك التي طرحها حزب الأمة القومي وتجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير ومدراء الجامعات السودانية.
وتتباين تلك المبادرات في محتواها؛ ففي حين يدعو بعضها لإبعاد الجيش عن المشهد السياسي؛ تركز أخرى على إيجاد صيغ جديدة الشراكة بين المكونين المدني والعسكري ووضع خارطة طريق لإدارة البلاد وصولا لإجراء انتخابات عامة؛ لكن جميع تلك المبادرات تصطدم برفض الشارع لأي صيغ تفاوض مع العسكر.
وفي ظل هذه الأوضاع المضطربة؛ تتزايد المخاوف من التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية للاحتجاجات الشعبية.
وقال البرهان إن بلاده تواجه تحديات وجودية لا يمكن “التغافل عنها”، مشيرا، في خطاب بمناسبة الذكرى السادسـة والستين لاستقلال السودان، إلى أن بناء الدولة السودانية الحديثة القائمة على أسس الحرية والسلام والعدالة لن يأتي إلا بالتوافق والتراضي الوطني ونبذ الفُرقة والتشتت.