الأنظمة المستبدة والفاشلة في آن معاً قد أصبحت أمراً واقعاً فقط في منطقتنا ورغم أنه يصعب جداً ابتلاع فكرة استمراريتها مع وجود أسباب انهيارها إلا أنها فعلاً باتت كالقدر الحتمي أو ربما عقوبة حلت فعمت فكان الصبر عليها أمراً ودفع ضررها أشد وأمر هذه العراق ولبنان سوريا واليمن وليبيا براكين ثائرة لاتهدأ حكمت من قبل حكومات وأنظمة وجماعات متوحشة في فرديتها واستبدادها وأنانيتها والتي دفعت بشعوبها إلى تحريك مياها الراكدة مابين ثورات وانتفاضات متفرقة خلفت الكثير من الفوضى وعدم الإستقرار وكانت سبباً رئيسياً في ظهور الكثير من الفصائل المسلحة الخارجة عن القانون والتي فرضت سيطرتها على الدولة بسلاحها وبقيت كالقنبلة الموقوتة تهدد السلم الأهلي وتجهض كل فرص التغيير والإصلاح !
لقد ظلت هذه الدول ومازالت بساحاتها وميادينها ملعباً دولياً لتصفية الحسابات بين الكبار ومشروع تقسيم وتحصيص بين الحالمين بعودة إمبراطورياتهم البائدة ولذا أشعلوها حرباً لاتبقي ولاتذر وقودها الناس والحجارة أعدت لسقوط الدولة والإحتلال والتقسيم وبتواطئو مع من يحكمها قد أصبحت الأرض بتاريخها وهويتها وحضارتها للمحتل ثمناً لبقائه على رأس سلطة من غير حكم أما نصيب الشعوب من هذه المقايضة فكان أن يزج بها في السجون ويرمى بها للخيام والبحار والحدود تجر معها مآسي الحرب ومهانته للنفس بالجوع والفقر والمرض والتشرد وضياع الكرامة والحقوق حتى باتت حياتهم ومصائرهم ورقة ابتزاز وضغط تلعب بها دول العالم اذا اقتضت الحاجة لتحقيق تسويات سياسية ومكاسب اقتصادية بينما تواصل الأنظمة السافلة تحالفاتها مع كل شياطين الأرض من أجل أن تستبد أكثر في مواجهة ماتبقى من حطام وركام المدن المدمرة والتي احتفظت فقط ببريق صور الرئيس بين الركام وبقايا النفايات ! في بلاد أبت إلا أن تغل بسلاسل الفساد والإستبداد والإرهاب والقتل على الهوية والمذهب ! ولم تنجح معها أبداً فكرة التغيير والإصلاح وأصرت على رفض صناديق الإقتراع وتحويل الإنتخابات فيها من مشهد ديمقراطي حضاري إلى مشهد هزلي ساخر يعيد تدوير المنظومة الفاسدة أو يشد عصب الطائفية والمذهبية والقبلية فتعود البلاد إلى سيرتها الأولى
والغريب أنه مازالت هناك أقلام وأصوات بين جموع المثقفين والمحللين السياسيين تأمل من هؤلاء المتلونين وأصحاب السجلات الحافلة بالفساد والإستبداد والإجرام أن تقيم يوماً للعدل والحق وزناً وأن تتخلى عن انتماءاتها العقدية المتطرفة وتقديس ذاتها وتؤسس لدولة القانون والمؤسسات !
"مجنون يحكي وعاقل يسمع "برأيي أن من وضع للظلم والفساد والقتل والطائفية منهجاً لايحيد عنه وقناعة يقتنع بها ويؤمن بضرورة وجودها حسبما تتضمنه عقيدته المنحرفة فمن الصعب جداً أن يتخلى عن توجهاته الدينية والفكرية والحزبية المتطرفة التي أعطته تلك الإمتيازات على حساب أمن الوطن واستقراره وأباحت له دماء شعبه من أجل تثبيت حكمه !
لذلك هذه الأنظمة ميئوس منها ولافائدة يرجى من وجودها ولا أمل في إصلاحها وتقويمها بقيت ظالمة لنفسها ولغيرها جاهلة وبائسة وخطيرة كالورم الخبيث لايجب إلا استئصاله حتى تشفى هذه الدول وتسلم شعوبها وتسترد حقها في الحياة .