أم المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ واستهل فضيلته خطبته الأولى عن الفرج واليسر بعد الكرب والعسر فقال : في كتاب ربنا ما يقودنا إلى الثبات عند الشدائد ويبعث في نفوسنا الفأل والرجاء عند الملمات والمصائب .
فآيتان من كتاب الله جل وعلا اليقين بمعناهما دواء نافع تفرح به النفوس المؤمنة وتنشرح عنده الصدور المؤفقه فترتقب اليسر بعد العسر والفرج بعد الكرب فلا اليأس يدخل في قلب استنار بهديهما ولا قنوط يخيم على نفوس من عمل بمنهجهما إنهما قوله تعالى : {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } وعدُ ممن بيده مقاليد الأرض والسماء بإنه ما من شدة إلا ويعقبها فرج ورخاء وما من عسر إلا ويغلبه يسر من المولى جل وعلا أنه وعد من الله لعبده المؤمن أن من التجأ إليه بتوحيد خالص وتضرع صادق جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل عسر يسرا ومن كل ضيق مخرجا .
وذكر فضيلته فضل الدعاء إلى الله وقت الكرب أنه منجاة لصاحبه فقال: ودعوة ذي النون ما دعاء بها مكروب الإ فرج الله كربه: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}.
إنه وعد حق من اللطيف البر الرحيم المحسن الكافي الشافي أن من ذل لعظمته وانكسر لعزته وخضع لكبريائه وخشع قلبه لربه وانقادت جوارحه لأوامره كفاه ما أهمه ودفع عنه كل الهموم والغموم والأنكاد والحسرات فمن أيقن بمدلول هاتين الآيتين صفاء قلبه وزكت نفسه وأنشرح
صدره وعظم أمله ورجاءه وحينئذ فلن يتخلف عنه الفرج والتيسر البته.
فيامن وقع في أمر عسير الجأ إلى ربك بالدعاء والافتقار وصدق اللجاء والرغبة والرهبة إلية {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ }.
يبدل الضيق سعة والفقر غنى والشقاء سعادة فأفزع إليه أيها العبد بصدق وإخلاص الله وحده وتعظيم وتذلل وحقق التقوى لمولاك جل وعلا في الرخاء والشدة تجده قريبا سندك بالمعونة والتاييد والنصر والتمكين والتيسير والفرج قال سبحانه: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }.
واختتم فضيلته خطبته الأولى بنصح المسلمين بالصبر عند الشدائد فقال: أصبر عند الشدة صبرا جميلا لا جزع معه ولا شكوى، ولا يأس ولا قنوط فمن راقب الله نجا ومن صدق معه سبحانه انكشفت عنه كل بلوى.
فالجا إليه وتضرع وتذلل وتقرب يأتك من القوي القادر اللطيف المجيب كل عون وفلاح وخلاص {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} فكن على يقين بكرم الغني العظيم الرحمن الرحيم فذلكم وحده طوق النجاة وسبيل الأمن والأمان { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }.
من توجه إلى خالقه عند الشدائد فاليبشر بالفرح بعد الحزن والراحة بعد التعب والشفاء بعد الألم قال تعالى: { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ }.
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن وعد الله لعباده بكشف الضر فقال: ومع وعد الله الكريم لعباده بكشف الضراء وتيسير العسر فالعبد المسلم في كل حالاته ما يصيبه من عسر ومشقة وشدة يكفر الله بها خطايا عباده وذنوبهم ومن صبر واحتسب أجر وأثيب على صبره.
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله بها من سيئاته).