وافق وزراء المال في دول مجموعة العشرين السبت على "الاتفاق التاريخي حول هندسة ضريبية دولية أكثر استقرارا وإنصافا , والمتمثلة في فرض ضريبة عالمية لا تقل عن "15%" على أرباح الشركات المتعددة الجنسية . الحقيقة أن هناك العديد من الدول ما زالت مترددة في التوقيع على الإتفاق , أو بمعنى أدق ما زالت تقاوم الضغوط التي تمارس عليها . الشركات المتعددة الجنسية (الطاقة , التقنية , السيارات) , تملكها دول كبرى أو تقف وراءها (فوق القانون) , وفي الدول التي لها فروع فيها وبالذات في الدول النامية , تجدها تتدخل في السياسة النقدية لهذه الدول وفي القرار السياسي بل وفي الشأن الاجتماعي .
الضريبة التي يدعي وزراء المالية في مجموعة العشرين أنها أكثر استقرارا وإنصافا طبعا للدول الكبرى , بينما تشكل ظلما وإجحافا للدول النامية (المستهلكة) وسوف يدفع ثمن ذلك في النهاية المستهلك .
حيث تجد أن (85%) من إستثمارات هذه الشركات العابرة للقارات (الحيتان) , يتركز في الدول التي تنتمي إليها , بما في ذلك الموظفين وهم بالملايين والأرباح والتي تقدر بمئات المليارات والتي تفوق ميزانيات العديد من الدول المنتجة للنفط , ولا يتبقى لبقية الدول سوى (15%) , والتي هي عبارة عن أيدي عاملة رخيصة (سخرة) , ناهيك عن المزايا التي يتم منحهم إياها ولا يحصلون عليها حتى في الدول التي ينتمون إليها , ولا أحد يجرؤ على فتح ملفات هذه الشركات (خط أحمر) , وإلا فإن ملف حقوق الإنسان والمرأة واللوطيين والنشطاء وحقق تقرير المصير جاهز (الكرت الأحمر) . وللمعلومية فإن إستثمارات هذه الشركات في العالم الثالث تقوم على الإحتكار (الإستهلاك) وليس توطين التقنية , وبالتالي لا يمكن أن تبنى عليها أي نهضة , بل أن العائدات المالية وبالعملات الصعبة تذهب إلى الخارج , حيث تساهم في دعم إقتصاديات الدول التي تنتمي إليها , ولا يبقى في الدول النامية إلا الفتات (العملات المحلية) , حتى يستمر تخلف هذه الدول ونهب ثرواتها وإفقارها , كما هو الحال مع فرنسا مع القارة الإفريقية , وأمريكا مع دول أمريكا اللاتينية حديقتها الخلفية (جمهويات الموز) , ومن يشق عصا الطاعة فالإنقلابات العسكرية جاهزة (مالي) أو الحصار الإقتصادي كما هو الحال مع فنزويلا طبعا تحت غطاء عودة الديموقراطية . الضريبية التاريخية عفوا (الأتاوة) سوف تزيد الدول الغنية غنى (الدول الكبرى) , وتزيد الدول الفقيرة فقرا (الدول النامية) ، وبشكل عام سوف تشهد السلع العالمية إرتفاعا جنونيا في الأسعار . ايضا الشركات المتعددة الجنسيات والتي تتخذ من بعض الدول المغمورة مقرا لها مثل بنما هربا من الضرائب المرتفعة التي تفرضها عليها ، سوف تضطر للعودة الي بلدانها الأصلية بعد أن أصبحت النسبة المئوية للضرائب عالمية وموحدة وملزمة للجميع .