مع دخول العالم الألفية الثالثة والتطور الهائل الذي نشهده جميعاً من انتشار واسع لتطبيقات التواصل الاجتماعي، فقدنا "إنسان القيم"، الضائع في عالم العولمة الاجتماعية والتسويق الإلكتروني الذي لا يبالي بأي شيء في سبيل الربح وزيادة معدلات الكسب مهما كانت الوسائل.
فالقيم أعم من الأخلاق، فهي حالة في النفس راسخة ينشأ عنها سلوك، فالحكم على شخص بالتواضع نابع من سلوك أو موقف صادر من شخص، تجاه الناس، بينما القيم هي كل شيء نافع يعتبره المجتمع قيمة ، مثل احترام المواعيد، والالتزام بدوام العمل والإنتاج الجيد والإتقان في العمل كلها قيم حميدة.
والمتمعن في دراسة علم الاجتماع يجد علماء الاجتماع يؤكدون أن القيم دائما إيجابية أما الأخلاق منها سلبي ومنها إيجابي، فمثلا تقول هذا إنسان عنده أخلاق غير حميدة، بينما تقول هذا شخص عنده قيم، وهنا لا تخطر على بالك أنه ذو قيم سلبية، بل يغلب عليها دائما الجانب الإيجابي.
بل إن التقليد والتقاليد تغطى على سلوك الإنسان، وفي بيئتنا العربية تجد أن التقاليد ربما تطغى على الأحكام الشرعية ، ففي "بعض "القبائل والعوائل وفي الريف تجد أحكام عرفية صارمة وحاسمة، عيب..ما يصير ..أفا .. كلها تقاليد محركة للسلوك، فالتقليد إذا تحول لعرف أصبح أكبر تأثيراً.
أما بالنسبة للموضة فهي تقليد ظاهري يرتبط بالشكل ، على سبيل المثال الموقف الذي ذكره الكاتب المصري أنيس منصور في كتابه "جسمك لا يكذب"، حينما رفعت ملكة النمسا يدها لكى يقبلها الحضور أثناء تتويجها أصبحت موضة بعد ذلك، وهنا تختلف مع "القيمة" في كونها داخلية أكثر.
أما ما فوق "القيم" فهي العقيدة التي يحكم بها الإنسان على "القيم"، بل إن العقيدة تكون مصدر القيم ، بل إن علماء التربية اليوم يصفون "القيم" بأنها الصورة الذهنية للفرد ، فعندما تتحدث عن مجتمع معين فإن لديك تجاه صورة ذهنية نحوه فتحكم عليه.
وفي كتاب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي" للمفكر والمستشرق "مايكل كوك" ، وقصة هذا الكتاب ترجع إلى فترة التسعينيات عندما اغتصبت فتاة أمريكية فى محطة قطار بشيكاغو أمام أعين الناس، الذين لم يبالون باستغاثة المغتصبة، أكد "كوك" في كتابه أن الإسلام يأمر الناس بالنهي عن المنكر ، حيث يزرع في الفرد المسلم الضمير الذي يحركه لكى يكون مبادراً إيجابياً تحت مظلة المسؤولية الاجتماعية ،فيدفعه دفعاً نحو إغاثة الملهوف في حدود مسوولية يحكمها نظام الدولة المسلمة.
وهنا يختلف الإنسان في الغرب عن الإسلام، فالإنسان عند الغرب كما وصفه " ميكافيلي" كالذئب إما مفترساً أو مكراً، كما أن الإنسان عند عالم الاقتصاد" هوبز" هو ذئب لأخيه الإنسان، أي أن الأصل هو الشر، والإنسان عند عالم الطبيعة الشهير" نيوتن" مثله مثل الساعة التي تعمل آلياً من دون إرادة.
الإنسان عند الغرب هو شريك مع "القرد" وهي نظرية "داروينج" عن أصل البشر عندما قال إن الإنسان والقرد من أصل واحد، وحدث له تطور، في المقابل قال الله عز وجل :"لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم".
وفي الختام ، فإن أكثر شيء يميزنا عن الغرب هو التمسك بالقيم والتقاليد والأعراف السائدة بين القبائل والعوائل التي لا تتنافى مع الدين ، عكس الغرب ذو التفكير المتدني تجاه الإنسان ونظرته الظالمة له والتي جعلت منه إما آلة تعمل بدون تفكير أو شبيه فى سلوكياته بالحيوانات المفترسة او ما في حكمها وهذا يثبت زيف شعارات الغرب حول "حقوق الإنسان"، علاوة على منح جوائز عالمية، لمن لا يستحقها من زائري وزائرات السفارات والتخابر على حساب الدين والوطنية.
عبدالعزيز بن منيف بن رازن
باحث ( فلسفة الإدارة الاستراتيجية)