من أفضل النعم التي أنعم الله على عباده المسلمين هي أن أهدى إليهم الإسلام من دون عناء البحث عنه، أو البحث عن الحقيقة التي تثبت وجوده سبحانه وتعالى، غير أن الكثيرين في عصرنا هذا لا يقدرون هذه النعمة الجليلة.
التكليف الرباني علينا يتمثل في تبليغ هذه الحقيقة الراسخة إلى غيرنا، بالحكمة والموعظة الحسنة، فالمصيبة بكل كل المصائب في أن يركل الإنسان النعمة، ويزهد فى الفوز ويقذف بالغنيمة، بل ليس بعاقل من يفرط في كنز ثمين جاءه دون عناء أو تعب.
وفي حياتنا نحن المسلمون نماذج كثيرة تثبت أننا قررنا التفريط في ذلك الكنز الذي منحنا إياه الله، لنعيش في حالة من التيه الفكري، ففي الوقت الذي ينتشر في بعض الشعوب الإسلامية الفكر الإلحادي بداعي التحضر والتخلص من العادات البالية، تجد عشرات الآلاف من شباب الغرب يشهر إسلامه.
وفي الوقت الذي خلعت فيه الممثلة المشهورة النقاب، طلت علينا "طاهرة رحمان" بالحجاب لتكون أول مذيعة مسلمة ترتدي الحجاب بدوام كامل على شاشة أحد القنوات الأمريكية، وحينما نزعت الفنانة المسنة حجابها ، ارتدتهُ ذات الـ19 عاماً "مريم بو جتيو" رئيسة اتحاد الطلبة في جامعة ايستبورن في فرنسا.
وعندما استبدل المسلمون المتأثرون بالغرب اسم "محمد" بأسماء غربية ، تصدر اسم "محمد" قائمة أكثر الأسماء الشائعة في بريطانيا، ويوم ما جنح الكثير من العرب عن التمسك بدينهم للتشكيك والإلحاد، ظهر الداعية الجنوب إفريقي "أحمد ديدات"، والهندي ذاكر نايك، والأمريكي يوسف استس، والإنجليزي من أصل يوناني حمزة تزورتزس، ليعقدوا أشرس المناظرات للدفاع عن الإسلام في وجه الإلحاد، ويدحضون الشبهات، ليتمكنوا بفضل الله من إدخال الآلاف للإسلام.
وفي الوقت الذي تسابقت فيه الفضائيات العربية لإذاعة برامج اكتشاف الأصوات والمواهب بالرقص والاستعراض، كان أستاذ العاصمة التنزانية "دار السلام"، يشهد مسابقة فى تلاوة وحفظ القرآن الكريم، ومع اشتعال حمى تقليد "الفاشونستات"، التي أصابت الكثيرات من فتيات المسلمين، قاومت فتيات إندونسيا وباكستان والشيشان بلبسهن الشرعي المحافظ محاولات تقليد الغرب.
ولما هاجمت المسلمات ذات الفكر "الليبرالي" الحجاب، كانت رئيسة حزب المحافظين الاسكتلندي "روث دافيدسون" تدافع عن المسلمين والحجاب معتبرة أن للمسلمات حرية ارتداء ما يطيب لهن، مثلما للمسيحيات حرية ارتداء الصليب.
وفي الختام ، فإنه ينبغي إعادة النظر فيما بين أيدينا من نعمة أن ولدنا على فطرة الإسلام الحنيف، ذلك الكنز الذي تتمناه الملايين في الدول الغير مسلمة، حال استشعار سره وجوهره، وهذا المشهد من تخلف مسلمين عرب عن الركب والتحاق مسلمين من الغرب به، يذكرني بالآية الكريمة «وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم».
أ : عبدالعزيز بن رازن.