في زحام الحياة يسعى الإنسان جاهدًا لتحقيق أحلامه، وبلوغ أمنياته، واصراره على الوصول لأهدافه وغاياته، وخلال تلك الرحلة قد يكون الطريق ممهدًا والوصول ميسرًا، أو قد تكون الرحلة طويلة، والطريق وعرٌ، والعثرات كثيرة، والعبور شائك ومليء بالأشواك، ويحتاج المرء خلال رحلته المتعبة لمن يسانده، ولمن يؤازره، وليدٍ حانية تنتشله في حالة السقوط، فربما يأتي السقوط مدويًا، فحينها يحتاج الانسان لمن يعيد ترميم دواخله ليبدأ رحلة جديدة ويواصل طريق أحلامه ليصل إلى قمة النجاح.
في حالات أخرى يكون الإنسان أكثر قوة وأكثر ثقة بذاته وقدراته فعند السقوط لا يحتاج إلى تلك اليد الممتدة لانتشاله، فينتشل نفسه من بين أنياب الحياة بما يحمله في داخله من إرادة قويه، ورباطة جأش، وعزيمة راسخة، وقوة نابعة من قلب شجاع لا يهاب موجات وتقلبات الزمان، فيسقط تارة ويقف أخرى غير مكترث ويعد الفشل بداية جديدة بعزيمة أقوى ونضوج عالي، وهمة تعلو السحاب، فهؤلاء الأشخاص ينهضون بأنفسهم رغم الصعاب، يحملون بيدٍ الحلم وباليد الأخرى الإرادة والعزيمة، ويصنعون من الفشل سلمًا للمجد، ومن الصعاب مفاتيحًا للأبواب المغلقة، ولا يعترفون بالهزيمة والانكسار، ولا يكترثوا للجهد والتعب بل ينهضوا بأنفسهم من تحت أنقاضها بالرغم من كل تداعيات الخيبة والهزيمة.
ولكن من منّا لا يحتاج إلى اليد التي تمتد لتنتشلنا إلى بوابات النجاح، وتساعدنا في منعطفات الحياة المختلفة؟
فأغلب البشر بحاجة ماسة إلى العضيد أو السند في بداية أي رحلة نحو الهدف، فمن جازف وأمسك بيدك في خضم المعارك، وفي حين أفلت الجميع أيديهم، وتقهقروا أمام معارك الحياة، وابتعدوا عنك خوفًا من المجازفة، فهؤلاء هم الرفقة الصادقة، والأشخاص الأوفياء، والشخصيات التي يُعتمد عليها في الأوقات العصيبة، والسعيد الذي تمنحه الحياة مثل أولئك الأشخاص، البارعين في الإمساك، العميقين في الشعور، الذين يقفون في ظهرك ضد أي تيار قد يعصف بك.
لمثل تلك الأيام العصيبة يجب اختيار الأشخاص جيدًا، فالرفيق الجيد لا يظهر إلا في المواقف الصعبة، ولا يتضح معدنه إلا عند مواجهته في احتكاك مباشر مع صراعات الحياة، فإما أن نراه لامعًا كالذهب، أو منطفئًا كالصدأ، كما قال لقمان الحكيم لابنه: "يا بني؛ ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله أخًا صادقًا، فإنما مثله كمثل: شجرة، إن جلست في ظلها أظلتك وإن أخذت منها أطعمتك وإن لم تنفعك لم تضرك".
إن الشخص الذي يعرف كيف يمسك بيدك جيدًا في أصعب الأوقات، وفي أقسى الظروف، وفي أكثر اللحظات ضراوة هو الذي يستحق أن تشارك حلمك ونجاحك معه، فهؤلاء الأشخاص عملة نادرة، لا يظهرون في الحياة إلا مرة واحدة، أو قد لا تهبك الحياة مثلهم مرة أخرى، فمهما نجحنا أو تميزنا، أو حتى وصلنا لسلم المجد نحن مدينين لهؤلاء الأشخاص إن جاز التعبير "أصدقاء الصعاب"، أو حتى العابرين بنصيحة أو رأي قد فتحوا في دواخلنا آفاقًا لا مدى لها، وعبروا بنا مساحات الظلام لرؤية أكثر وضوحًا وإشراقًا، فألهمونا بطريقةٍ ما في مشوار حياتنا لنصل من خلالهم نحو غدٍ مشرق ومزدهر.
"عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة نحس أننا لا يعيبنا أن نطلب مساعدة الآخرين لنا، حتى أولئك الذين هم أقل منّا مقدرة" سيد قطب.