من دون أدنى شك، أن زيارة وزير الخارجية القطري الأمير محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ولقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جاءت في توقيت مهم للغاية ، حيث تشهد الساحة الخليجية والعربية والإقليمية تطورات متعاقبة وسريعة، حيث تأتي هذه الزيارة بعد 3 شهور من زيارة الأمير تميم بن حمد للمملكة تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين.
وحتما عبرت هذه الزيارة عن أهمية تعزيز التعاون الخليجي المشترك ، وتوحيد الموقف الخليجي إزاء العديد من القضايا التي تتصدر المشهد في المنطقة العربية وفي مقدمتها إيران، لاسيما وأنها تمر بفترة رئاسية جديدة.
وتهدف كذلك لتعزيز العلاقات الثنائية بين الرياض والدوحة، خاصة عقب قمة العلا التي شهدت نقلة نوعية في التقارب الخليجي- الخليجي، وكذلك التقارب بين السعودية وقطر، وما اسفرت عنه من مباحثات ثنائية لتقريب وجهة النظر إزاء الملفات التي تعالج.
كما تأتى الزيارة ضمن توصيات ولي العهد قبل عدة سنوات بضرورة التكاتف بين الدول الخليجية من أجل البناء والتنمية والنهضة في كافة المجالات لضمان مستقبل واعد للأبناء والأحفاد ، والعمل على التنافسية المثمرة بين دول مجلس التعاون.
إن الحنكة السياسية وبعد النظر والعقلانية التي تتمتع بها القيادة بالمملكة وكذلك في دولة قطر الشقيقة هي التي أدت إلى عودة العلاقات إلى سابق عهدها ، والدليل هو اللقاءات والزيارات المتبادلة بين القيادتين، والتي كان اخرها زيارة الأمير تميم بن حمد إلى جدة في شهر مايو الماضي.
هذه العلاقات تصب في مصلحة الأمن القومي الخليجي وكذلك تضمن أمن واستقرار المواطن في كافة دول مجلس التعاون، وتوحيد الصوت الخلجي في مواجهة إيران التي تدعم جماعات الحوثي الإرهابية.
وعلى الصعيد الدولي والإقليمي فإن زيارة وزير خارجية قطر، تأتى لمناقشة التطورات الأخيرة في أفغانستان وسيطرة حركة "طالبان" على الحكم هنالك، لاسيما وأن الولايات المتحدة تنوى سحب قواتها من أفغانستان نهاية الشهر الجاري، وهو ما سيلقى بظلاله على أمن دول الخليج.
وحقيقة لابد الإشادة هنا بدور قطر عقب المصالحة الخليجية، في التزامها بتعهداتها والتزامها بوحدة الصف الخليجي، ورغبتها الجادة في تنسيق الجهود المبذولة لمواجهة ما يواجه دول الخليج من مخاطر.
إن اتفاق المصالحة وعودة العلاقات بين الرياض والدوحة ، أثبت مما لا يدعو مجالا للشك، بأنه ليس لأصحاب السوشيال ميديا سلطان في تحديد مصير الدول أو أنهم يعبرون عن وجهات النظر الرسمية، بل اغلبهم عدو للجميع في حلة صديق قبحهم الله.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ألا وهو كيف حال من جعل حسابه على منصات التواصل الاجتماعي بوق للهجوم على الدول الصديقة ، ويزعم بالوطنية، فماذا به الآن بعد تجاوز الدول الخليجية الخلافات و كل ما يعكر صفو العلاقات الأخوية.
أ. عبدالعزيز بن رازن.
باحث دكتوراه ( فلسفة الإدارة الاستراتيجية)