العمل الخيري يعد من الأمور التي تحرص عليها كل أمة من الأمم، لأنه يتلمس حاجات الناس ويسعى إلى تحقيقها. وقد عنيت به كل الديانات، حيث أصّل الإسلام العمل الخيري ورغّب فيه بما ورد من آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة تعزز من قيمته التي تتجلى في رعاية الفرد والأسرة والمجتمع، والسعى لتحقيق الخير ونشر التكافل الاجتماعي وتحسين الظروف الحياتية في الأزمات والمحن والملمات بما يكرس تعزيز القيم الدينية والأخلاق الحميدة ويجعل المجتمع متماسكاً متكافلاً متعاوناً في كل الظروف.
ويمثل العمل الخيري سلوكاً حضارياً يظهر بوضوح في المجتمعات التي تنعم بقدر من الثقافة والوعي والمسؤولية ..كونه يلعب دوراً هاماً في بناء المجتمع أفراداً وأسراً من خلال المؤسسات المعنية التي تقدم المساعدات بشكل إيجابي هادف يساهم في تأهيل الفرد المحتاج فيما بعد للاعتماد على نفسه، من خلال البرامج التي تطرحها في مجالات التعليم والتدريب والتأهيل والإعداد والعمل.… إذ لا ينحصر الدور في سد رمق إنسان محتاج فقط بل يمتد نحو التنمية وبناء المجتمع لتحقيق الأهداف المنشودة. وهو ما ركزت عليه المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة من واقع حرصها المستمر على تفعيله وتعزيزه في جميع الأوقات باعتباره يمثل عنصراً ثقافياً واجتماعياً أساسياً وشريكاً مهماً وفاعلاً في النهضة التنموية . والذي أكدته رؤية المملكة نظراً لأهميته القصوى اجتماعياً واقتصادياً لتطوير المجتمع وتمكين الأفراد وتقديم المبادرات النوعية بما يقود إلى التحفيز والتشجيع على العطاء الخيري وتعزيز المشاركات الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن الجميل حقاً وجود الجمعيات الخيرية في مناطق ومدن وقرى المملكة التي تجسّد التوجّه الصحيح للمبادرات الأهلية الواعية التي يقوم بها الخيرون دائماً والمدعومة من الجهات الرسمية في الدولة. والأجمل التحوّل من الجانب الرعوي المحدود إلى الجانب التنموي الواسع الذي يتطلب مزيداً من الاهتمام من مجالس إدارت الجمعيات الخيرية والتركيز على هذا الجانب بصورة صحيحة والخروج من فكرة زيادة أرصدة الجمعيات المجمدة في البنوك إلى توظيفها جيداً لإقامة البرامج الهادفة والمشروعات المدروسة والاستثمارات الناجحة والحرص على توفير وزيادة فرص العمل المناسبة لبعض الفئات المستهدفة والعمل على تنويع مصادر الدخل المستدامة للجمعيات بما يخدم العمل الخيري النوعي على المدى الطويل.