يعدّ يوم عرفة من أعظم الأيّام التي تمرّ على المسلمين؛ وفيه يقف الحُجّاج على جبل عرفات، حيث يعد هذا المنسك أهم أركان الحج
وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ويكثر فيه عتقاء الله من النار، ويباهي الله ملائكته بأهل الموقف في المشعر الحرام.
سبب التسمية
ورد العديد من الأقوال في بيان سبب تسمية يوم عرفة بهذا الاسم؛ فقيل إن آدم وحواء حينما أنزلهما الله من الجنة إلى الأرض، أنزلهما في مكانين مختلفين، فكان موقع جبل عرفات هو المكان الذي التقيا فيه، وتعارفا على بعضهما بعضا فيه، وقيل أيضًا إنه سمي بهذا الاسم لأن الحجاج تتحرك فيه من مشعر مني (يوم التروية) لتصل إلى جبل عرفة للوقوف عليه ويتعارفون فيه.
وقيل أيضاً لأن النبي إبراهيم -عليه السلام- عَلِمَ في ذلك اليوم أنّ رؤيته حقٌّ، إذ كان قد رأى في منامه ليلة التروية أنّه يذبح ابنه إسماعيل -عليه الصلاة والسلام-، وقد تروّى بالحكم إن كان من الله أم لا، ثمّ عَلِم أنّه من الله -سُبحانه- في الليلة التالية. وقال بعض المفسرين إن أمين الوحي جبريل -عليه السلام- طاف بإبراهيم -عليه السلام- وكان يريه المشاهد فيقول له “أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟”، فيرد إبراهيم “عَرَفْتُ، عَرَفْتُ”.
وقيل إنّه سُمّي بعرفة من العَرْفِ؛ أيّ الطِّيبُ، وقيل لأنّ العباد يعترفون فيه بما فعلوه من ذنوبٍ، وقبل إنّه سُمي بيوم عرفة؛ لعلوّ العباد فيه على الجبل، إذ كانت العرب تُطلِق على ما علا عن الأرض عرفة.
جبل عرفة
يقع جبل عرفة خارج حدود الحرم، على الطريق الذي يربط بين مكة والطائف، حيث يقع شرقي مكة بنحو 20 كم وعلى بعد 10 كم من منى و6 كم من مزدلفة، وإجمالي مساحته تُقدّر بحوالي 10,4 كم². وعرفات عبارة عن سهل منبسط محاط بسلسلة من الجبال يأخذ شكل القوس، يبلغ طولها حوالي ميلين وعرضها كذلك.
وقته وحكمه
يبدأ يوم عرفة من فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، ويمتد إلى طلوع الفجر من يوم عيد النحر، وينتهي وقت الوقوف بعرفة بالنسبة للحُجّاج بغروب شمس التاسع من ذي الحجة، ويُمثّل الوقوف بعرفة أهم أركان الحج، ولا يصح الحج إلا به، ومن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج، قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “الحج عرفة”.
فضل صيام يوم عرفة
فضل الله يوم عرفة عن غيره من باقي أيام السنة عند المسلمين، كما أن لصيامه أجرا عظيما، حيث إن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عام قبله وعام بعده، لما رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “صيامُ يومِ عرفةَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه والسنةَ التي بعده”.
ما بعد الوقوف بعرفة
يبقى الحجاج في عرفة حتى غروب الشمس، فإذا غربت الشمس ينفر الحجاج من عرفة إلى مزدلفة للمبيت بها، ويصلي الحاج بمزدلفة صلاتي المغرب والعشاء جمعاً، ويُستحب للحاج الإكثار من الدعاء والأذكار، ويتزود الحاج بالحصى، ثم يقضي ليلته في مزدلفة حتى يصلي الفجر، بعد ذلك يتوجه الحاج إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى.