لكلّ مرحلةٍ خصائصها، والثانوية مرحلة تُرسي قواعد ما بعدها، فالذهن في هذه الفترة منشغلٌ بالتفكير في القادم، أي تخصصٍ يختار؟ أي مستقبلٍ يرسم؟ أي مصيرٍ يسير على دربه.. ويتخبط بين القراراتِ أملاً في العثور على ما يناسبه، ونحنُ كمعلمين وقادة نفهم جيدًا صعوبة تدريبِ النفس على اتخاذ خطواتٍ جادة محددة الهدف، لذلك وضعت الوزارة مناهج بمواضيع مُختارة تدعم رؤية مملكتنا ٢٠٣٠ لتنمية شبابنا وبناتنا وتهيئتهم لما هم مقبلون عليه من تحدياتٍ وصعوباتٍ في إدارة حياتهم وتطوير مهاراتهم العملية، فمثلاً يتناول مقرر ”العلوم الإدارية“ في جزءه الأول كل ما يتعلق بطبيعة الإدارة، وبشكلٍ مفصّل! ابتداءً من مفهوم الإدارة وطريقة وضع خطةٍ منظمة وحل المشكلات الحاصلة أثناء تنفيذها بأسلوبٍ إبداعي -ويفصل هذه النقاط بشكلٍ أكبر بكثير في مقرر ”مهارات إدارية“- ومرورًا بالبيئة نفسها، بالتعامل مع المساعدين داخل إطار المكتب وتصنيف الملفات والمعلومات واستخدام الحاسب، وانتهاءً بالعملية الإنتاجية، حيث البيع والتسويق والربح! ورؤية الأهداف المحققة.. ويتعمق الجزء الثاني بعلم الاقتصاد، ليكون المرء قادرًا بالفعل على تمييز الربح من الخسارة، قادرًا على تحديد دخله وتنظيمه واستغلال الطرق لاستثماره، يتيح هذا للطالب أن يتخرج وهو مُلمٌ بما يتطلبه الأمر من جهدٍ وذكاء وبراعة، وبذلك يكون أقرب لتحقيق غايته وغايتنا كذلك.. فالمعرفة هي أقصر طريقٍ للنجاح، والنجاح يشملنا جميعًا! في حين أن مقرر ”التربية المهنية“ يركز أكثر على واقعية الأفعال! كيف تملأ طلبًا وظيفيًا؟ كيف تكتب سيرةً ذاتية؟ كيف تجتاز مقابلةً شخصية؟ هل نجحت في كل ما سبق؟! تعلم إذًا كيف تكون متصلاً مع فريقك، متعاونًا وفعالاً ومفاوضًا بارعًا، ومحللاً لا غبار عليه! هذا المقرر هو دليل إرشادي نحو هدفٍ وضعت عينيك عليه وبدأت تتجهز لنيله ولا غِنىً لأي طالب عن فائدته، جميع هذه المقررات تخدم رؤية المملكة التي تهدف إلى تعزيز لبِنة المجتمع، الشباب والفتيات، عبر زيادة الوعي وغرس الاستقرار ورفع الإمكانات، ليكونوا روّدًا للأعمال في المملكة، مُساهمين في رفعة مكانتها وعُلو اقتصادها وسببًا لازدهارها وتقدمها، لأن رؤيتنا هي.. ”رؤية طموحة.. لأمّة طموحة!“
ودعمًا لهذه الرؤية، تنوي وزارة التعليم مستقبلاً إضافة مسارٍ جديد يتعمق في إدارة الأعمال أكثر، ويشمل مقرراتٍ عديدة تصبّ كلها في صالحِ أن يكون الفرد مهيئًا لإثراء وطنه وبلوغ مجده، يتعلم في المسار تقنياتٍ رقمية نظرًا إلى أننا في عصر الآلة، يتعلم أخلاقيات مهنية ليكون شريفًا نزيهًا في كل خطوةٍ يخطوها، ويتسلح بمقررات قانونية تعينه على معرفة الطريق الصحيح كل مرة، ولم تهمل الجانب الإبداعي فوضعت كذلك مقررات فنية تفسح مجالاً للخيال والمتعة، وغير ذلك من مقررات، وتسير الأمور على خطةٍ محددة توصل إلى غاية مدروسة، وهي إنشاء طلاب متمكنين من الانخراط في سوق العمل بكفاءة! ولا زال هذا المسار قيد التحضير لتطبيقه قريبًا!
ولا شك أن الإطار المدرسي بيئة مصغرة وخصبة لإتقان هذه المهارات وتجربتها ولو بشكلٍ محدود، فالطالب في الثانوية يتحمل عدة مسؤولياتٍ جماعية، ويدير عدة مشاريع في كل مقرر، فيطبق هذه المعلومات على أرض الواقع، يتعلم كيف يُنجز عمله بأبسط الطرق وأسرعها وأكثرها ذكاءً ويحقق -في الوقت نفسه- درجاتٍ عالية! يُقسم وقته ما بين مذاكرة المواد المدرسية، والتدرب على القدرات والتحصيلي، إضافةً إلى الاستفادة من وقته الخاص على الوجه الأكمل، والشباب هذه الأيام ليسوا بحاجةٍ إلى كثير من التشجيع لتمنية مهاراتهم التقنية، فهم بالفعل مواكبون للعصر ومُطّلعون على كل جديد، وكل ما تضيفه المناهج المدرسية هو صقل المعارف والتركيز على ما ينفع من برامج ومعدات في سوق العمل.. ليزدهروا، ويخرجوا إلى ساحة الحياة بعتادٍ متين من الثقة والفهم والإقدام، ومن ثمّ، يكونوا مؤثرين، ليس فقط في دائرتهم، بل وحتى لمن حولهم، فعُلوّ الهمة مُعدٍ، والنجاح معملٌ للمنافسة وإحراز المزيد!
ومن أجل ذلك تبذل وزارة التعليم ما بوسعها لتحقيق رؤية المملكة، وتقدم أقصى ما تملك من أجل الجيل الصاعد، كما يبذل المعلمون جهدهم لشرح المناهجِ بأسلوبٍ سلس، عملي، مًتقن.. لتحقيق أفضل استجابة! وقريبًا، سنرى رؤية ٢٠٣٠ متحققةً، على المستوى الاقتصادي، ومستوى كفاءة الخرّيجين الباهر! وكلنا أمل، وثقة، وعزم!
معلمة المواد المهارية والعلوم الإدارية
اماني عبدالله