هيمنت ظاهرة الانتحار على المجتمع التركي بشكل لافت وملحوظ، حتى باتت أمراً مقلقاً ومرعباً، وسط فشل النظام التركي وعجزه عن التصدي لهذه الظاهرة المتنامية، التي نتجت عن معاناة مريرة وظروف حياتية قاسية وعصيبة، أرهقت آلاف الأتراك وأنهكتهم، وزجت بهم في طريق مسدود.
تعددت وتنوعت الأسباب التي تدفع الشعب التركي اليائس والبائس لإنهاء حياته بالانتحار، حيث كشف تقرير لحزب الشعب الجمهوري المعارض، أن معدلات الانتحار شهدت ارتفاعاً كبيراً في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، وأظهر التقرير أن عدد ضحايا عمليات الانتحار خلال 19 سنة من حكم حزب الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) بلغ 60 ألفاً وهو رقم مفزع للغاية، كما كشف التقرير أن نسبة الانتحار زادت 38% بين 2017 و2019 بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية ، ووفقاً لمجلس الصحة والسلامة المهنية التركي، انتحر خلال السنوات الثمان الأخيرة، 4801شخصاً بسبب صعوبة العيش، و 127عاملاً بسبب ديونهم، و 68 شخصاً بسبب البطالة، و 54 شخصاً بسبب المضايقات، و 22645حالة غير مسجلة السبب ، حيث ذكر العضو في مجلس الصحة والسلامة المهنية في تركيا، الدكتور (جوشقون جَنَوار)، أن أحداثاً واسعة النطاق تؤثر على المجتمع بأكمله يمكنها أن تؤدي إلى الانتحار.
أحداث ووقائع جمىَّ وشتىَّ، تسببت في إنهاك المجتمع التركي وإضعاف معنوياته وطموحاته في الحصول على حياة كريمة مستقرة، فالأزمة الاقتصادية، وانهيار الليرة التركية تسببتا في تنامي الفقر والبطالة والديون، وتضييق الظروف المعيشية، كما أن الصراعات والاضطرابات السياسية التي مرت بها تركيا، كمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 2016، تسببت في زيادة حالات الانتحار.
مع كل ذلك وارتفاع حالات الانتحار، أخفى معهد الإحصاء التركي بيانات الانتحار من تقاريره ، بينما كشفت مصادر إخبارية عن انتحار شاب تركي يبلغ من العمر 24 عاماً، بعد أن فقد الأمل وأفلس من الحصول على فرصة عمل، حيث ألقى بنفسه من نافذة الشقة التي يسكن فيها بالطابق الخامس، تاركاً وراءه رسالة تعهّد فيها بمحاسبة (أردوغان) في الآخرة، مما أثار موجة عارمة من الغضب بين أوساط الأحزاب المعارضة ، ولم تسفر زيارة نائب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، لأسرة الشاب الذي أنهى حياته في 28 مايو، عن تقديم مساعدات وإعانات مالية بالرغم من أن الأسرة تعاني من ظروف معيشية ومادية صعبة وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة "إيفرنسال" التركية ، ولم تكن حالة الانتحار هذه هي الحالة الأولى خلال هذا العام ، حيث انتحر في يناير هذا العام 94 شخصاً، وفي فبراير 99 شخصاً، وفي مارس 112 شخصاً.
فيما تقف تركيا عاجزة عن مجابهة ظاهرة الانتحار، التي تسببت في تآكل الأسرة التركية، في ظل تصاعد معدلات الفقر والبطالة، نتيجةً لسياسات النظام التركي الفاشلة التي ضاعفت آلام الأتراك وخيبت آمالهم، إضافة إلى كبحه للحريات والأصوات التي لا تتماشى مع سياساته ورغباته مازال الشعب التركي يعاني بدون أي أي حلول ناجعة ولا أمل في مستقبل أفضل ينتظره الشعب .