أمّ المسلمين اليوم الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان واستهل فضيلته خطبته الأولى بتذكير الناس بتجديد العهد مع الله بعد انقضاء شهر رمضان فقال: قبل أيام ودعنا شهر رمضان، أرجو الله أن نكون من المقبولين الفائزين فيه، وأن يثبت قلوبنا وأقدامنا على الصراط المستقيم، وأن يعيننا على طاعته ويجعلنا من أهل مرضاته.
انقضى شهر رمضان، موسم بركة وفضل وخير وبر قد انقضت أيامه، وطويت أعماله، وفاز فيه من فاز، وحرم فيه من حرم، فياليت شعري من المقبول فنهنئه، ومن المردود فنعزيه.
جددوا العهد مع الله في كل زمان، ولا تقطعوا الصلة بالله بعد رمضان، فإنه قريب مجيب، يجيب الدعاء ويقضي الحوائج في كل وقت ومكان، وخزائنه ملأى لا تنفذ، ويداه مبسوطتان، يسأله من فى السماوات والأرض كل يوم هو في شأن، حيُ
قيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم.
ثم تحدث فضيلته عن أثر العبادة على سلوك الأنسان فقال : إن للعبادة أثرا في سلوك صاحبها، فالصلاة مثلاً تنهى عن الفحشاء والمنكر، وإن من علامات قبول الأعمال، تغير الأحوال إلى أحسن حال، فما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحها، وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها، سلوا الله الثبات على الطاعات إلى الممات، وتعوذوا به من تقلب القلوب، ومن الحور بعد الكور، اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يامصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك.
اسألوا الله الثبات على طاعته، صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدحلها. متفق عليه.
ثم اختتم فضيلته خطبته الأولى بنصح المسلمين بالحرص على القبول واجتناب ضياع الأجر فقال: إياكم والإفلاس، احرصوا على القبول، واجتنبوا أسباب ضياع الأجر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، فقال: المفلس من أمتي من يأتي يوم
القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار”
رواه مسلم.
وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله هباء منثورا. قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، لا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها. رواه ابن ماجه .
كانوا يصومون ويصلون ويأخذون هنيهة من الليل، ولكنهم لا يراقبون الله في السراء، فإذا خلوا بمحارم الله انتهكوها فأدحض الله أعمالهم وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون .
واستهل فضيلته خطبته الثانية بتذكير المسلمين بأن شهور السنة كلها مواسم خير ونصح المسلمين بصيام ستة أيام من شوال فقال : الشهور كلها مواسم عبادة وإن تفاوتت واختلفت فى الفضل والوظائف، والعمر كله فرصة عمل وطاعة، وكل ميسر لما خلق له، كل يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها.
أقرضوا الله قرضا حسنا، وقدموا لأنفسكم تجدوه عند الله، واعلموا أن الصوم جنة، وكل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لله يجزي به، فمن استطاع منكم أن يصوم ستا من شوال فإنهن من سنن الهدى، وفعل المصطفى، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر». رواه مسلم .
واختتم فضيلته خطبته الثانية بتذكير الناس بنعم الله فقال : نعم الله علينا لا تحصى، وخيره لا يستقصى، لايحصرها الحساب والعد، ونعمة
واحدة منها لا يكافؤها الرد، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، فاشكروا الله على آلائه ونعمه، وابذلوها فى طاعته وعبادته، ف«لؤ أن رجلا يجر على وجهه، من يوم ولد إلى يوم يموت، هرما في مرضاة الله، لما كافا نعمة من نعم الله، ولحقره يوم القيامة» رواه أحمد .
ولن يدخل أحد الجنة بمجرد عمله، ولكن بفضل الله ورحمته، فعن أبى هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لن ينجي أحدا منكم عمله» قال رجل: ولا إياك؟ يا رسول الله قال: «ولا إياي، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة، ولكن سددوا»، رواه مسلم .
فلا يغترن أحد بعمله، ولا يمتن بعبادته،ولايستكثرن ما عنده، ولا يمل من طاعته، فإنه لا يدري عن قبوله، ولا يعلم عن مصيره.