دائمًا نجد أنّ أكثر الناس يقومون بعمل وصيّة لأبنائهم خاصةً أو للأهل بصفة عامة ، أو للقرابة وذلك أثناء فترة حياتهم ليُعمل بها بعد مماتهم ، ومن أجود الوصايا وأجملها عندما تكون في مرضاة الله ومحبته وعرض سلوك أصناف من البشر يُحذر فيها من بعض السلوكيات أو يقرّب ويرغبّ في أحسن السلوكيات الإيجابية ،، جاء ذلك في وصايا للشيخ مرزوق بن معيض الحويلي الشدّادي الحارثي لأبنائه قبل وفاته – يرحمه الله وبإذن الله – وقبل أن نعرض وصيته التي قالها في قالب قصيدة شعرية نسطّر عن جزء بسيط من سيرته ، إذ يُعدّ الشيخ مرزوق الحويلي علم ورمز من رموز قبيلة الشدادين من بني الحارث ومن وجهاء وأعيان قبيلة بني الحارث ، عُرِف عنه الطيب في مواضعه ، والسماحة وحسن الخلق في تعامله ، وبصدقهِ نال أوسمة الحُب من الجميع ، وبعمله الخيري في عملهِ بالجمعية الخيرية كسب حُب اليتيم والفقير والمحتاج ببشاشته في مساعدتهم وتيسير أمورهم ، وقبل ذلك كان بالتعليم الناصح والموجّه والمعين لأبناء قبيلته ، وفي ذلك الحين أي بالسبعينات والثمانينات في عامهِ الألف والثلاثمائة من الهجرة قد تعلم وأخيه الشيخ نفل بن نوار بن مشرع الحارثي رحمهما الله فن الكتابة والخط بالمنطقة الشرقية وعادوا إلى ديارهم بالحارثية ، وكانوا من وجهاء القبيلة والمصلحين بين الناس ، ويقومون بتوثيق قرارات الصلح أو الاتفاقيات الدائرة في ذلك الحين ، ومساعدة رجال القبيلة في كتابة الخطابات لرفعها للدوائر الحكومية ، وكان بابهم مفتوحاً للجميع في خدمة القبيلة ، وقد وهبه الله كرم النفس وكرامتها وأعزّه بالدين والإخلاص بالعمل به ، بشوش الوجه دائمًا لا يغضب إلاّ بما يراه من عملٍ يغضب الله إذ يسارع بالنصح والإرشاد وبالحكمة والروية ، كريمًا يحبُّ الخير للجميع ، لا تجد أحدًا اشتكى منه في حياته أو آذاه وذلك بشهادة رجال القبيلة الذين لم ينسوه وكانوا شهود الله في أرضه ، كان رحمة الله عليه غنيًا بالطيبة والكرم وفعل الخير ، وقبيل وفاته ومع بداية مرضه قام بوصية لأبنائه في قالب قصيدة يحثهم على منهج الدين والسيرة الحسنة ، ومعرفة اختيار الأصحاب بحكمة وتدبّر مستندةً على القيم الإسلامية من منبع الدين الإسلامي ، ومع قصيدته ، سائلين الله له الرحمة وأن تكون هذه الوصية تُعمّ على جميع من يقرأها لما فيها من الخير ومرضاة الله ، وتكون شفيعة له عند الله.
ياراكب الفكسار مع طلعة النور
لا تاقف إلاّ عند ربعً كرامي
أهل الوفاء والجود ثابت ومقرور
وعلّم لهم واوجز لهم بالعلامي
العبد لابده مسيّر ومامور
واليا هداه الله صلى وصامي
أحدً على ماقيل فايق ومسرور
مقر للاقراب حقً الزامي
واحدً غني النفس والحال مستور
يقنع برزقه مايحب الحرامي
واحدً عزيز النفس بالخير مذكور
هذاك والله من خيار الأنامي
واحدً مع الاصحاب ويلف ويدور
ترميبه الامواج شرقً وشامي
سود الليالي ياعلي مالها سور
لو يضحكن أيام تغدي حطامي
واليا نويت بعلم دور هل الشور
والطيب حطه فوق صدرك وسامي
خلك حسين الخلق واحذر من الجور
تكسب رضا الله والاهل والعمامي
ولو عشت بالدنيا سنوات وشهور
تكشف لك الأيام تسعين عامي
اليا حفظت الدين مجمل ومشكور
خمس الفروض بوقتها بالتمامي
بالآخره تلقى بساتين ونهور
من فضل ربك يارفيع المقامي
تسكن بها مابين الانهار والحور
الله كتبها عند حسن الختامي
وانصح هل الدخان وتكون ماجور
والصبر مفتاح الفرج والسلامي
وترى قليل الدين بالهمّ محشور
يعيش مابين الهوى والغرامي
واحذر من النمام مع شاهد الزور
اللي يثيرون الفتن والخصامي
الصدق يبني لك عمارات وقصور
والكذب يهدم مابنيته شمامي
فكّر ونفّذ ماذكرته على الفور
والمعذره كان الخطا في كلامي
وصلاة ربي عدّ ماشعشع النور
وعداد مازار الحرم بالحرامي