كل إنسان في هذه الحياة يمر بمحطات سعيدة وأخرى مؤلمة خلال رحلته ولكن هناك محطة يتغير فيها مسار الرحلة تماما وتصبح الحياة بعدها مختلفة عمّا كانت قبلها. المهم أن نأخذ الدروس من هذه الرحلة ونعيها ونطبقها. بالنسبة لي أدرك جدا أن حياتي تبدّلت تمامًا و تعلمت دروسًا عظيمة غيرت نظرتي للحياة.
الدرس الأول يتلخص في قول الشاعر
ما بين غمضَةِ عَين وانتباهتها
يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ
بالرغم من أن (كورونا) هو أكبر مثال على قول الشاعر إلا أن مرضي كان أعظم درس على المستوى الشخصي. انشغلنا كثيرا بمطالب الحياة ولم ندرك أنه في غمضة عين قد يتغير حالنا أو نفقد صحتنا أو حتى نرحل من هذه الدنيا. كم شاب رحل فجأة في الآونة الأخيرة وهو في قمة شبابه وعطائه وقوته؟!
نحتاج لوقفة حقيقية مع النفس.. ماذا أعددنا لآخرتنا؟!
فماهي الا غمضة عين
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ } البقرة (210)
هل نحن مستعدون لهذه الغمضة أم أنها ستكون فجأة بلا عدة ولا استعداد؟
أما الدرس الثاني فهو ترتيب الأولويات بحرص، مررت سابقا بمواقف علمتني ترتيب الأشخاص في حياتي. أما الآن فتعلمت ترتيب أعمالي. أولا وأبدا كل ما ينفعني للحياة الحقيقية وكل شيء يأتي بعدها.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّه } المنافقون (٩)
الدرس الثالث في قوله تعالى:
{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} [الحديد]
أتعرض في كثير من الأحيان لبعض التساؤلات من الأطباء والممرضات وغيرهم عن لماذا؟ وكيف في هذا العمر؟ وماذا حدث؟ وينتابني شعور بالألم وتبدأ وساوس النفس بماذا لو؟! أو لو عاد بي الزمن لفعلت كذا وكذا لكن تذكير النفس بهذه الآية ينزل عليها السكينة والرضا بقضاء الله وقدره وأنه لو عملت ما عملت سأمر بكل ما كتب لي.
الدروس التي تعلمتها كثيرة جدا فهي حصاد مايقارب عامًا كاملًا ولكني أحببت أن أشارككم بأعظمها وقعًا في نفسي والتي أسأل الله أن يثبتها في عقلي وقلبي وأن لا تنسى مع مشاغل الدنيا.
د.منال باكثير
Twitter@ ManalBakathir