لست أمًّا مثالية ولا أدعي أني مثالية، إنما أنا مجتهدة كبقية الأمهات. برأيي ليس هناك خطأ مطلق ولا صواب مطلق في التربية وكلٌّ مأجور على اجتهاده لكن هناك قيم و ثوابت لا يمكن التهاون فيها أو التنازل عنها. هذه القيم وجهنا لها الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وهذه نعمة حُرم منها كثير من الأمم والمفترض أنها جعلت طريق التربية أوضح وأسهل. لن أتطرق إلا لثلاث قيم مهمة وأساسية تُطرح للنقاش يوميا مع ابنتيّ اللاتي لا تتجاوز أعمارهن التاسعة والسابعة ..
القيمتين الأولى والثانية (عدم السخرية وإطلاق الألقاب) موجودة في في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) .. هذه الآية عظيمة جدا في التربية وتهذيب النفس.
قبل حوالي عامين كانت ابنتي ذات التسع سنوات تردد بشكل شبه يومي عند عودتها من المدرسة جملة " أنتِ تزعمين أني في مدرسة من أفضل المدارس ومع ذلك سلوك البنات عكس ما تقولين" فكم تعرضت أو رأت من يتعرضون للسخرية والألقاب لسبب أو لآخر. أنا أعلم أن هذا العدد القليل من البنات لم يعلمهم أحد هذا السلوك بشكل مباشر ولكن هو نقص في التوجيه أو القدوة أو أنهم يتعرضون لنفس السلوك في بيوتهم ومن أقاربهم.
أما القيمة الثالثة فهي في قوله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه) فكم من طفل أو طفلة يسمعون أهاليهم وهم يتدخلون في هذا الشخص وذاك وفي أدق تفاصيل حياة الناس. نحن شعوب عانينا ولا زلنا نعاني من التدخل المستمر من الآخرين في حياتنا وقراراتنا وللأسف لازالت الأجيال تُربى بنفس الطريقة (طفلة تسأل صديقتها لماذا لبستي هذا؟ ولماذا فعلتي هذا؟).
كنت أحلم بأجيال جديدة نقيّة تُغرس فيها قيم الإسلام العظيمة لتقود الأمم.
واليوم بعد قراءتي لمقالة الأخت (سامية المغامسي) في جريدة أضواء الوطن، أحببت المشاركة برأيي المتواضع حول الأسباب التي تساءلت عنها في مقالتها. برأيي أن السبب هو غياب الأهل سواء جسديًا أو ذهنيًا عن تربية الأبناء إضافة إلى انفتاح الأبناء على العالم بواسطة أجهزتهم. في السابق كانت الأم العاملة هي التي تعاني في كثيرمن الأحيان لتربية أبناءها. اليوم؛ حتى الأم غير العاملة أصبحت مشغولة في زخم الحياة و متطلباتها ، حيث أصبحت الأجهزة تأخذ من وقتنا الكثير وتشغلنا حتى عن الرد على تساؤلات أبناءنا. حضور الأهل للتوجيه وزرع القيم هو قوة لا يمكن لأي قوة من أصدقاء أو ألعاب أو أجهزة أن تؤثر عليها.
الحديث مع كل ابن لمدة خمس دقائق فقط في اليوم مخصصة له دون مشتتات كفيلة أن تقوّم سلوكه وتعزز ثقته بنفسه وتشعره بالأمان.
د.منال باكثير
Twitter @ManalBakathir
التعليقات 5
5 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
غير معروف
18/12/2020 في 5:21 م[3] رابط التعليق
مقال جميل .
(0)
(2)
صفية العماري
18/12/2020 في 6:02 م[3] رابط التعليق
مبدعة ماشاءالله تبارك الله يا دكتورة منال مقالك جداً رائع ومقنع
(0)
(1)
غير معروف
19/12/2020 في 7:28 ص[3] رابط التعليق
مقال في غاية الروعة تجسدت فيه حالت وعي كامله بالتنمر ومسبباته …
بارك الله فيك دكتورة منال و أنار الله فكرك وطريقك إلى كل ماهو خير ..
(0)
(0)
انا الطموح
19/12/2020 في 7:29 ص[3] رابط التعليق
مقال في غاية الروعة تجسدت فيه حالت وعي كامله بالتنمر ومسبباته ..
بارك الله فيك دكتورة منال و في قلمك و أنار الله فكرك و طريقك لكل ماهو خير
(0)
(0)
غير معروف
19/12/2020 في 3:35 م[3] رابط التعليق
رائع ?? كلام من ذهب
(0)
(0)