بعد مخاض طويل تعسرت فيه محاولات الكشف عن هوية المرشح الفائز في الإنتخابات الأمريكية جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وأول فريق إدارته نائبه كامالا هاريس ابنة المهاجرين وأول امرأة سوداء تتولى هذا المنصب
وكما يذكر أن جو بايدن قد حصل على أعلى نسبة تصويت شعبي في تاريخ أمريكا تخطت ال 70 مليون صوت في انتخابات تعد أكثر احتداماً وانقساماً من غيرها لما تخللته من مناظرات فوضوية ورؤية انتخابية غير واضحة وصراع إعلامي حاد وانقسام شعبي غير مسبوق تقوده الحركات اليمينية المحافظة واليسارية المتطرفة وتهديدات بإحداث الفوضى والتدمير وإعلان الرئيس ترمب رفضه الإلتزام بالإنتقال السلمي للسلطة ماأثار موجة انتقادات من قبل الأوساط السياسية والإعلامية وأخيراً رفض نتائج الإنتخابات واتهامات بالتزوير والتضليل ورفع الدعاوى القضائية واتخاذ الإجراءات القانونية !
ترمب المثير للجدل دائماً في تصريحاته ومواقفه منذ دخوله البيت الأبيض ينهي مشواره كذلك في رفض للنتيجة والإعتراف بالهزيمة ومواصلة كيل الإتهامات للحزب الديمقراطي وللجان الإنتخابية والمشرفين على عمليات الفرز ! واستمرار السير في الطرق القانونية في محاولة أخيرة لإثبات موقفه
في حين أن كبرى المؤسسات الإعلامية قد أعلنت فوز بايدن وتوالت تهنئات زعماء وقادة دول العالم للرئيس ونائبه رغم أن الإعلان الرسمي لفوز المرشح لم يحين وقته بعد وكان لبايدن إصراره في انهاء الحرب الانتخابية وقطع الطريق على ترمب بإعلان فوزه والقاء خطاب النصر على مؤيديه وتغيير وظيفته على تويتر إلى الرئيس المنتخب وقال في تغريدة له "إنه يتشرف باختيار الأمريكيين له رئيساً للبلاد وإن الوقت حان الآن لرأب الصدوع التي خلفتها الحملة الانتخابية وتوحيد الصفوف كبلد واحد "
ومع واقع وحقيقة فوزه تكثر التكهنات والتحليلات لشكل السياسة الأمريكية المقبلة اتجاه قضايا المنطقة منهم من يرى أن بايدن ظلاً للرئيس السابق باراك أوباما بحكم أنه كان نائباً له في تلك الفترة وسيعيد رسم سياساته التدميرية ومنهم من يرى أن بايدن أكثر اعتدالاً منه وأقل عدائية اتجاه العرب وستختلف سياساته عن رئيسه السابق
برأيي أن بايدن وخصوصاً خلال المناظرات الرئاسية والحملات الإنتخابية لم يتطرق كثيراً للحديث عن القضايا والمشاكل في الشرق الأوسط وكيفية تعاطيه معها في حال فوزه مايعني أن تركيزه منصباً على الداخل الأمريكي فالمشاكل الإقتصادية والصحية الناجمة عن جائحة كورونا تأخذ حيزاً كبيراً من الإهتمام لديه حيث بدأ بتشكيل فريق لمعالجة هذه المشاكل بالإضافة إلى اهتمامه بالأزمة البيئية المتعلقة بإتفاقية المناخ التي انسحب منها ترمب وتعهد بايدن بإلإنضمام اليها حال فوزه وأزمة العنصرية العرقية التي أثارتها حادثة مقتل جورج فلويد وتعهده بالقضاء عليها وتوحيد الأمريكيين من جديد مايعني أيضاً أن سياسة الإدارة الأمريكية اتجاه الشرق ستبنى على العلاقات والمصالح الثنائية بين الدول وتجري تدخلاتها وفقاً لمصالحها بعيداً عن شخصية الشرطي في المنطقة وانهاء مزاعم الهيمنة الأمريكية ومعاودة استخدام الأداة الدبلوماسية كركيزة أساسية في جميع تعاملاتها وهذا بالطبع لايعني رفع يدها بشكل مطلق عن المنطقة ولاعن استخدام القوة العسكرية اذا لزم الأمر في حين تعاظم القوة الروسية والتركية هناك ومايدعم ذلك تصريحه بالإبقاء على التواجد العسكري في سوريا والعراق ونيته في إيقاف التوغل التركي في ليبيا وفرض عقوبات صارمة على نظام أردوغان وأما في مايخص القضية الأهم سياسة بايدن إتجاه إيران فقد صرح بايدن بشأن ذلك وقال أنه سيعيد الإتفاق النووي اذا عادت ايران إلى الإمتثال لإلتزاماتها النووية برأيي أن إيران نجحت في سياسة النفس الطويل وإنتظار ماتتمخض عنه نتائج الإنتخابات حتى تعاود التقاط أنفاسها مع الإدارة الجديدة ولكن حتى موعد التنصيب الرسمي لبايدن تتحدث وسائل إعلامية عن عقوبات أمريكية جديدة ستفرض على إيران لزيادة الضغط عليها ومن باب التمني لعل وعسى أن تحدث تغيراً ايجابياً لصالح المنطقة وشعوبها ..