في ظل التحديات الأمنية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط من تهديدات أمنية ظهرت عقب ظهور تنظيم داعش في سوريا والعراق، وإرهاب ميلشيا الحوثي الإرهابية في اليمن، ما كان للمملكة أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا المشهد العبثي، الذي يقف حائلا أمام طموحات المملكة التنموية.
ولا يختلف اثنان على أن وجود الاقتصاد القوي يتعارض مع التهديدات أمنية، لذلك تحركت السعودية بجدية في تأمين حدودها مع الدول التي تشهد حالة من عدم الاستقرار أو اضطرابات سياسية أو تلك التي تكن عداوة وبغضاء للمملكة مثل ميلشيا الحوثي.
من هنا أصبح تأمين الحدود بمثابة ضرورة ملحة وأولوية لا يمكن التغافل عنها، لذلك قررت القيادة الرشيدة وبرؤية ثاقبة لسمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وزير الدفاع قررت المملكة رفع جاهزية شريطها الحدودي مع بعض الدول المجاورة وإحكام السيطرة عليها لمكافحة التهديدات الأمنية التي تتجاوز هشاشتها وضعف التنسيق معها، باستخدام تقنية الحدود الذكية.
وأتضح من تقرير نشره موقع (العربية نت )أن تلك التقنية أثبتت تفوقها في عدة مناطق من العالم، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا وغيرها من الدول، وذلك لصد أي محاولة لاختراق الحدود سواء عمليات التهريب او التسلل للداخل أو الخارج، والتي كانت تتم مراقبتها في فترة سابقة بالطرق التقليدية من خلال تسيير دوريات متحركة تعمل على مدار الساعة.
وبحكم عملي سابقاً في المجال الأمني والعسكري استطيع أن أقول أن الحدود الذكية التي رسمتها المملكة شمالاً مع طول الحدود مع دولة العراق تمثل أهمية قصوى خاصة مع ظهور تنظيم داعش في العراق في عام 2014 ، وهيمنة المنظمات الموالية لإيران على المشهد العراقي وما يمثلونه من تهديد حقيقي للمواطنين، حيث همت المملكة بوضع منظومة متكاملة على طول حدودها مع العراق بمسافة تصل الى 900كلم تحتوي على 5 سياجات أمنية ما كلف الدولة قرابة المليار ونصف المليار دولار.
كما قامت السعودية بنصب «السياج الأمني» في الحدود الجنوبية مع اليمن بعد محاولات مليشيا الحوثي التسلل إلى المملكة، بإيعاز من إيران، وبلغت الحدود الذكية في هذه المنطقة الحدودية لحوالي 2.000كلم من البحر الأحمر غربا وحتى حدود سلطنة عمان شرقا بارتفاع 3 امتار ومزود بأنظمة رصد إلكترونية وأجهزة مراقبة متطورة من رادارات وكاميرات حرارية ليلية ونهارية.
وتعتزم المملكة إطلاق المرحلة الثالثة والرابعة من الحدود الذكية مع سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية، لتكون جميع حدود المملكة من كافة الاتجاهات مؤمنة تماماً من أخطار الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
إن تأمين الحدود هو في حد ذاته تأمين للاقتصاد والاستثمار، ومستقبل الأجيال، حيث تهدف المملكة طبقاً لرؤيتها 2030 لإنشاء مشاريع عملاقة وضخمة تنافس أقوى المشاريع العالمية في أوروبا والولايات المتحدة، ولن يتم ذلك بدون أمن قوي يكون حجر الأساس في إنشاء هذه النهضة .. حقا همة حتى القمة.
أ : عبدالعزيز منيف بن رازن.
باحث بمركز الدراسات العربية الروسية.