يأتي تصريح سمو وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، حول القضية الفلسطينة، في وقت مهم جداً. ليجدد سموه من خلاله موقف المملكة الثابت حول مرتكزات حل القضية العربية الأولى.
هذا الموقف يؤكد على مكانة المملكة عالمياً. ويشير إلى دورها الرئيس في الشرق الأوسط. وقد آن للعرب والعجم، أن يستمعوا أكثر للمملكة؛ فلا تطبيع لاسرائيل، إذا لم تسير على خطة السلام العربية.
من استمع الى تصريح سمو وزير الخارجية، سيستحضر بلا شك ردّ المؤسس الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، على رسالة الرئيس الأمريكي ترومان المؤرخة مطلع فبراير 1948م. والذي جاء ردّه، رحمه الله، معبراً عن موقف الأمة بأسرها؛ ورسم بحكمته سياسته الثابتة في هذه القضية الدولية. والمتأمل هنا سيستعرض أيضاً مواقف ابنائه من بعده، ليدرك أن سياسة المملكة هي في الحقيقة سلسلة ثابتة، ومتواصلة من الدعم اللامحدود، سياسياً واقتصادياً وإعلامياً للقضية الفلسطينية. إيماناً بعدالتها وإنطلاقاً من مكانة المملكة عربياً واسلامياً ودولياً.
"أرباب الشعارات، تكشفهم المواقف الثابتة".
رغم تلون بعض الدول، وتوقف البعض، وخيانه البعض الاخر. فقد بقيت المملكة تحمل لواء القضية، وتنافح عنها، في كل حين. وفي الوقت الذي تقوم فيه المملكة بهذا الدور الريادي العظيم، نجد المتخاذلين، يتسابقون على فتات المصالح، الذي ترميه لهم إسرائيل، ومن وراءها الغرب؛ وعلى الجانب الآخر تلعب إيران وتركيا على فقاعة "مقاومة الإحتلال الإسرائيلي". وتبيع الوهم على صفوف طويله من العرب والمسلمين؛ وتشتري ما تعرضه إسرائيل من تحت الطاولة.
ولقد وجدتا لهما مرتعاً في هذا التناقض، بين ماتقولانه وماتفعلانه؛ وتحركان آلاتهما الإعلامية لتجميل قبيح مايصنعانه، وما الهجمة الإعلامية على الإمارات سوى دليل جديد على محاولات تلك الدول الفارغة، ذر الرماد في العيون. فالإمارات لم تفعل شيئاً أكثر مما فعلوه. رغم أن لها حساباتها السياسية الخاصة، واسباباً تستحق التأمل؛ إلا أن الشعارات الشعبوية، التي تدغدغ بها ايران وتركيا وحلفيتهما قطر، مشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين، إنما جاءت لكي تستغل القضية الفلسطينية، لتحقيق مصالحهما، من تحت الطاولة. وتتحرك تصريحات طهران وأنقرة ومواقفهما مع قطار المصالح. والشارع العربي المغيّب بسبب الجهل والفقر، والتقلبات السياسية الداخلية، ينساق وراء شعارات القوى، وهتافات الأحزاب المتناحرة. والمتأمل هنا، يسال نفسه، ماذا قدّمت تركيا للقضية الفلسطينية، وسفير انقره في تل ابيب، والشركات التركية تعمل في بناء اسرائيل من الداخل. والمتامل أيضا،ً يسال: ماذا قدمت ثورة الخميني، وأتباعه من بعده، للقضية، سوى إنشاء مليشيات مسلحة في الوطن العربي؛ ونشر لغة العنف، والدمار فيه؛ فقتلت تلك المليشيات مواطنين عرب، في العراق، ولبنان، واليمن، والبحرين، ولم يتأذى، من هذا الجور الدموي، صهيوني واحد في اسرائيل. ولا اقول هذا تحريضاً، ولكن من باب المقارنة فقط. ووضع النقاط على الحروف.
*الكبار وحدهم أصحاب الكلمة الفصل*
يخطئ من يضنّ أن المملكة، لم تتعرض لضغوطات من كل الإدارات الامريكية، ومن الدول والدوائر السياسية الغربية لدفع المملكة للتطبيع مع اسرائيل. راجعوا الخطابات الأمريكية والغربية حول القضية الفلسطينية ليدرك، من يرغب، حجم الضغط الغربي، لدعم، وتثبيت إسرائيل في قلب العالم العربي.
السياسة السعودية الخارجية، تقدم درساً جديداً للعرب والمسلمين، تُظهِر فيه عزّة التاريخ وعزة الإسلام. وتقول للمسارعين فيهم، والذين يخشون أن تصيبهم دائرة، هناك قضية عربية عادلة، يجب حلّها أولاً.
العالم أجمع بات يتفهّم ويقدّر موقف المملكة منذ نشأتها. واليوم أسكت تصريح سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، كل الناعقين في وسائل مثلث الشر إيران وتركيا وقطر. وسكب الماء البارد على رؤوسهم.
بقلم : خلف العبدلي.