نوه مجلس الغرف السعودية –في تقرير اقتصادي أعدته الوحدة الاقتصادية بالمجلس بعنوان (جائحة فيروس كورونا والقطاع الخاص السعودي)– أنه على الرغم من التحديات الكبيرة والصعوبات البالغة التي واجهتها المملكة في ظل الأزمة الراهنة، فإن المبادرات التي أطلقتها الحكومة كان لها أثر كبير في تخفيف حدة هذه الأزمة على القطاع الخاص.
وعلى الرغم من تضرر معظم منشآت القطاع الخاص، فإن الأزمة قد أضاءت أنوارًا لفرص استثمارية لم تكن مستغلة بشكل جيد في فترة ما قبل الأزمة، وعلى رأسها الفرص المرتبطة ببعض الصناعات التحويلية والصناعات المستهدف إحلال منتجاتها محل الواردات، والأنشطة المرتبطة بالأمن الغذائي والدوائي، فضلًا عن أنشطة التجارة الإلكترونية والتعليم والتدريب عن بعد.
وأشاد التقرير بالجهود التي اضطلعت بها حكومة خادم الحرمين الشريفين خلال الأزمة؛ حيث كانت المملكة من أوائل الدول التي اتخذت تدابير حاسمة لمواجهة الفيروس، والتخفيف من آثاره الاقتصادية في الوقت والنوع المناسبين، ووضعت على قمة أولوياتها حماية المواطنين والمقيمين فيها، إضافة إلى تخفيف الآثار الاقتصادية من الأزمة على القطاع الخاص.
لذلك جاءت تدابيرها المالية مترجمة لهذه الأولويات؛ فخصصت نسبة 3.14% من ناتجها المحلي الإجمالي لفئة «الدعم المالي الفوري المباشر» بهدف دعم القطاع الصحي للسيطرة على انتشار الفيروس الذي خصصت له 47 مليار ريال من جملة التدابير المالية، إضافة إلى دعم الأفراد من مواطنيها للحفاظ على الوظائف وتوفير سبل العيش الكريم للجميع.
كما أشار التقرير إلى أن الحكومة السعودية خصصت، بصورة متوازنة، نسبة 3.06% أخرى لفئة تأجيل المتحصلات لدعم القطاع الخاص، واهتمت أيضًا بدعم سيولته عن طريق تخصيص 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي لفئة تدابير «التوسع في الإقراض»، معلنةً بذلك عن قوة اقتصادها وسلامته وقدرته على توفير السيولة النقدية، وتحمل أعباء إيراداته السيادية في مواجهة الأزمات الكبرى.
وسلط التقرير الضوء على الوظائف التي من المتوقع أن تنشأ بعد انتهاء جائحة فيروس كورونا؛ حيث أشار إلى أن الظروف التي عاشتها المملكة من جراء انتشار الجائحة أدت إلى تغيير هيكل الوظائف المستقبلية في المملكة؛ حيث سيزيد الطلب على الوظائف التي تتطلب مهارات تقنية عالية، والتي تستجيب للمتغيرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتقنية، وتتواءم مع رؤية 2030م، وهي وظائف الخدمات اللوجستية، والهندسة الصناعية، والأمن السيبراني، والتعليم الإلكتروني، والتدريب الإلكتروني، والبرمجة والتشغيل والتطبيقات الإلكترونية، وإنترنت الأشياء، وإدارة المنصات الإلكترونية، وإدارة الأزمات والمخاطر، والتجارة والتسويق الإلكتروني، والإعلام الرقمي، والإدارة المالية عن بعد، وإدارة تعاملات الصادرات والواردات، وإدارة التأمين، وبخاصة تأمين المنشآت، والخدمات المساندة وسلاسل الإمداد.
وأوضح التقرير أن التحديات المتوقع حدوثها للقطاع الخاص السعودي بعد انتهاء جائحة فيروس كورونا، تتمثل في قلة الطلب والسيولة النقدية لبعض الوقت بسبب الأضرار التي أحدثتها الجائحة، وارتفاع تكلفة سداد الفواتير المؤجلة، والتحديات الاقتصادية العالمية الناتجة عن تقلبات الاقتصاد العالمي، وارتفاع مستوى المنافسة التجارية بين الدول.
وبيَّن التقرير أن أزمة جائحة كورونا أفرزت مدى أهمية الاستثمار في العلم والتكنولوجيا؛ فقد أصبح المجال الافتراضي حاجة ملحة وضرورة حتمية داخل الحياة الجديدة، مبينًا أنه في ظل الجائحة، اضطرت معظم الشركات إلى تبني سياسات العمل عن بعد؛ الأمر الذي جعل التكنولوجيا أفضل وسيلة لضمان استمرارية الأعمال، كاشفًا عن أهم الصناعات المتوقع استحداثها والتركيز عليها بعد الأزمة، وهي الصناعات الطبية والدوائية، والمشاريع الصحية، والوسائل التعليمية والتدريبية، والصناعات العسكرية المتطورة، والروبوتات للأعمال التجارية والطبية والضيافة، والصناعات الغذائية، ووسائل الحفظ والنقل المتطورة، والأدوات الزراعية التقنية، والصناعات التحويلية، وصناعة الألياف البصرية، وتقنيات مواد البناء، وصناعة الخدمات اللوجستية الداخلية المرتبطة بالعالم الخارجي.
وأكد التقرير مواصلة القطاع الخاص السعودي أداءه القوي كشريك فعال في عملية التنمية الشاملة وتحقيق رؤية 2030. ويظهر ذلك من خلال عدة مؤشرات اقتصادية تتمثل في نمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاص إلى 1073.7 مليار ريال عام 2019م بعد أن كان نحو 1000 مليار ريال عام 2016م بمعدل ارتفاع بلغ نحو 2.4% خلال الفترة من 2016م حتى 2019.
وشدد التقرير على ضرورة تسهيل إجراءات الاستثمار في القطاعات الحيوية والواعدة التي من الممكن أن تحقق الأمن الغذائي والدوائي للمملكة بعد جائحة فيروس كورونا، وكذلك العمل على تذليل المعوقات أمام المستثمرين للاستثمار فيها، وهي: الاستثمار في القطاع الزراعي، والصناعات الغذائية، والصناعات الصيدلانية الأساسية والمستحضرات الصيدلانية، وصناعة الحواسيب والمنتجات الإلكترونية والبصرية، وصناعة المركبات ذات المحركات والمركبات المقطورة ونصف المقطورة.