سحبت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، البساط من تحت أقدام الأتراك والإيرانيين المزايدين على القضية الفلسطينية من خلال الإعلان عن اتفاق مع إسرائيل لتطبيع العلاقات مقابل تخلي الحكومة الإسرائيلية عن ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فلم يكن الاتفاق "شيك على بياض" وإنما الهدف هو حماية حقوق الشعب الفلسطيني الذي تخلت عنه (حماس) وارتمت في أحضان إيران عبر الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني والذكريات الأليمة والأحداث التي وقعت في عام 2007 ، وهيمنة حركة حماس على قطاع غزة.
إن دولة الإمارات ذات سيادة يحق لها ان تفعل ما تمليه عليها مصلحتها السياسية والامنية فبادرت بهذا الاتفاق بعد 72 عاماً من الصراع العربي- الإسرائيلي، الذي من شأنه حماية المقدسات الإسلامية ، فمن شروط الاتفاق السماح للمسلمين في جميع أنحاء العالم بالصلاة بالمسجد الأقصى المبارك.
ولم يكن هذا الاتفاق هو الأول فقد سبقته عدة اتفاقيات مثل اتفاق كامب ديفيد الموقع مع مصر، واتفاق مدريد وأوسلوا الذي تمخض عنه إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وكذلك اتفاق وادى عربة مع الأردن.
وبهذا تحاول الإمارات وضع حداً لمرحلة الشجب والاستنكار باتخاذ هذه الخطوة لخدمة الشعب الفلسطيني الأعزل، ورمت بالكرة في الملعب الفلسطيني وعليه اغتنام الفرصة والتخلي عن سياسية التشدق، وهو ما أشرت اليه في مقال سابق حمل عنوان:" هل نتعايش مع الواقع".
وقبل الحكم على القرارات السياسية بالعاطفة يجب النظر إلى بنود الاتفاق التي تنص على توقف إسرائيل عن خطط ضم أراض فلسطينية يسمح للمسلمين زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، وبموجب الاتفاق، كذلك ستظل الأماكن المقدسة كافة مفتوحة أمام معتنقي جميع الأديان.
إن المزايدين على القضية الفلسطينية هم أول من تخلوا عنها، فماذا فعلوا عندما قررت الحكومة الإسرائيلية في شهر يوليو الماضي ضم 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، هل تحركوا ساكناً أم اكتفوا ببيانات الشجب والإدانة مثلما حدث أيضا عندما قررت الولايات المتحدة نقل السفارة إلى القدس المحتلة.
ومن هنا فعلى المزايدين على القضية الفلسطينية كدولة تركيا إذا كانت جادة التوجه لتحرير القدس المحتلة، فالمسافة بينها وبين القدس ليست ببعيدة بدلا من تحريك قوتها لغزو الدول العربية كليبيا وسوريا والعراق.
لقد ضربت الإمارات العربية المتحدة عدة أهداف بحجر واحد، الهدف الأول هو منع إسرائيل من تنفيذ مخططها الاستبطاني، والثاني هو تعرية المزايدين والثالث :تحريك المياه الراكدة فيما يتعلق بمفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ممارسة ضغوط على تل ابيب حال عدم الالتزام ببنود الاتفاق.
وفى الختام، هل يغتنم الفلسطينيين هذه الفرصة التي لن تعود مرة أخرى ويتبعوا نفس النهج الذي اتبعه السابقين عندما دعاهم الزعيم الراحل أنور السادات للمشاركة في مفاوضات كامب ديفيد .. الأيام القادمة ستكشف ذلك.
أ : عبدالعزبز بن رازن.