يحتاج تطبيق منهجية جودة التعليم بالمؤسسات التعليمية إلى إدارة تتفهم فكر الجودة بعمق ،وتوقن بجدوى مبادئ ومعايير وأهداف وبرامج جودة التعليم ؛ فينبغي أن يستقر في وجدان وعقل إدارة المؤسسات التعليمية أنها مسؤولة عن إنجاح وتحقيق منهجية ومعايير الجودة وتشرُب أفرادها لهذا الفكر؛ ذلك لأن جودة التعليم هي السبيل الذي يرقى بالمؤسسة التعليمية ويحقق لها الريادة بل يرقى بالمجتمع كله ، فجودة التعليم حجر الزاوية به تنطلق الأمم نحو التحضر والرقي .
اقتناع إدارات المؤسسات التعليمية بفكر ومنهجية جودة التعليم :
تكتفي بعض إدارات المؤسسات التعليمية بأخذ قرار تطبيق منهجية جودة التعليم في مؤسساتها وفقط ؛اعتقادا منها أنها بذلك قامت بما يجب عليها نحو تطوير عملية التعليم والتعلم ،وضمان استمرارية تحسين الأداء داخل المؤسسة، والحقيقة أن هذه الإدارات يجب أن تتبنى فكر الجودة من خلال ممارسات عملية وأداء أدوار رئيسة وفاعلة .
إن الاقتناع بفكر الجودة كما يرى دكتور صالح الشمري يحتاج إلى "الدعم والمساندة من الإدارة العليا لبرامج الجودة مما يعمل على نشر ثقافة الجودة في كافة المستويات الإدارية وممارساتها تلقائيا من كافة العاملين في المنظمة "
لابد للإدارة أن تنتقل بالجودة بحيث تصبح منهجا تطبيقيا وواقعا عمليا ،وليست كلمات تموت بعد انتهاء الاجتماع الذي قيلت فيه ، أو قرارات لا تتجاوز الورق الذي كتبت عليه ؛لذلك ينبغي أن تتعرض في مرحلة التمهيد للجود ة إلى ثلاثة محاور رئيسة وهي:
أولا :ماذا تعني الجودة لإدارة المؤسسات التعليمية عمليا وإجرائيا؟
جودة التعليم بالنسبة للإدارة يقصد بها حرص الإدارة على إدراك وتحقيق مجموعة من القرارات المهمة والإجراءات الواقعية و المهام المؤثرة في تضع أرضية صلبة تساهم في تحقيق منهجية الجودة وتحقق معاييرها ومنها:
*اتخاذ قرار تطبيق منهجية جودة التعليم من قبل الإدارة العليا بالمؤسسة التعليمية واعتماد معايير الجودة سواء كانت هذه المعايير من داخل المؤسسة أو من جهة اعتماد خارجية .
*اتخاذ قرار الاستعانة بمستشار خارجي لتنفيذ منهجية الجودة أم الاعتماد على ذوي الخبرات من أبناء المؤسسة .
*ايجاد بيئة تعاونية محفزة وذلك بإنشاء فرق عمل متجانسة وفرق تعلم مهني تتحلى بروح الفريق .
*تخصيص المواد البشرية والمادية لتطبيق منهجية الجودة وتحقيق معاييرها.
*الإشراف على وضع معايير عامة وشاملة لمخرجات التعلم التي تقدمها المؤسسة التعليمية للمجتمع بحيث تحدد بدقة صفات الخريج أو الخريجة من هذه المؤسسة في إطار معايير الجودة .
*الإشراف على وضع و تحديد معايير مخرجات التعلم في كل صف دراسي ومرحلة دراسية يجتازها الطالب بحيث تشمل المهارات التعليمية والقيمية ومهارات الحياة ومهارات التفكير .
*مراجعة الهيكل التنظيمي للمؤسسة ووضع هيكل يتناسب مع ظروف وامكانات المؤسسة المادية والبشرية ووضع الوصف الوظيفي لكافة المهام ومستويات العمل المختلفة .
*إعداد برامج تدريبية للإدارة العليا للمؤسسة التعليمية وإدارة الجودة تمكنهم من فهم منهجية الجودة وتطبيقاتها المختلفة وتكسبهم أهم مهارات القيادة الناجحة .
ثانيا :تفويض الإدارة العليا بعض صلاحياتها لإدارة الجودة:
تعد مهارة التفويض إحدى مهارات الإدارة الناجحة ،فهي تساهم في إنجاز الأعمال ونجاحها ،وتسمح للموظفين بالمشاركة في نجاح المؤسسة ؛مما يعزز انتماءهم إلى المؤسسة، ويطور من أدائهم المهني وهذا من شأنه أن يساعد الإدارة على أن تجد وقتا كافيا للقيام بمهامها الرئيسة، ويزيد من جودة وتميز مخرجات المؤسسة .
إن إدارة المدارس او المؤسسات التعليمية عامة يجب أن تفوض إدارة الجودة في بعض المهام من أبرز هذه المهام :
* مراجعة لوائح العمل وكافة العمليات التي تتم داخل المؤسسة واقتراح وتعديل ما تراه مناسبا .
*أخذ القرارات المناسبة والقيام بالإجراءات الازمة لتحسين بيئة العمل وتنمية الشعور بالانتماء لدى أفراد المؤسسة .
*اقتراح وتنفيذ برامج التدريب المناسبة للعاملين بالمؤسسة بالتنسيق مع الأقسام الأخرى داخل المؤسسة وفق الفجوات التي أظهرتها دراسة التقييم الذاتي أو دراسة رضا المعنيين .
*متابعة خطط النشاط لرصد الممارسات المتميزة والاستفادة منها .
*مراجعة الهيكل الوظيفي وتعديله واقتراح الوصف الوظيفي لكل مهمة .
*المشاركة في التقويم المرحلي للعاملين وكذلك التقييم النهائي لهم .
*إتاحة الفرصة للتواصل مع كافة المعنيين بالمؤسسة التعليمية .
*المشاركة في اختيار العناصر والكفاءات التي سيتم توظيفها بالمؤسسة .
*المشاركة في وضع الخطة الاستراتيجية للمؤسسة .
*مشاركة الأقسام المختلفة في وضع الأهداف والخطط الإجرائية بحيث تتوافق مع الخطة الاستراتيجية والرؤيا والرسالة ومعايير الجودة والاعتماد .
* الإشراف الميداني على كافة البرامج والأنشطة والممارسات التي تتم في المؤسسة للتأكد من مطابقاتها لمعايير الجودة والاعتماد.
ثالثا :وضع الأسس العامة ولوائح العمل و الأنظمة الداخلية بالمؤسسة:
إن تنظيم علاقة العاملين بالإدارة العليا بالمؤسسات التعليمية من أكثر الأمور حساسية وله أثر كبير في بناء المؤسسة وتميزها بين مثيلاتها من المؤسسات الأخرى .
ينبغي أن يتم تحديد هذه العلاقة بمجموعة من اللوائح والأنظمة الداخلية للمؤسسة لتشمل كافة حقوق العاملين وواجباتهم بوضوح وأبرزها : الأجور –أوقات العمل –البدلات–المحظورات –المخالفات –الجزاءات وغيرها.. مما ينظم سير العمل بالمؤسسة .
إن كثرة التغيير في هذه اللوائح والأنظمة المعمول بها داخل المؤسسة التعليمية سعيا للانتقاص من حق العاملين يضرها ضررا بالغا ويصيبها بداء عدم الاستقرار مما يرسم في عقول المعنيين صورة ذهنية سلبية عن هذا النوع من المؤسسات وهذا بداية انهيارها .
إن استقرار اللوائح ونظم العمل بالمؤسسات التعليمية بما يضمن حقوق العاملين (وفق إمكانات المؤسسة) يؤدي إلى استقرارها ودفعها إلى تحقيق نجاحات من أبرزها :
*استقطاب الكفاءات والحفاظ عليها .
*ايجاد بيئة آمنة ومحفزة للعاملين مما يسهم في تحقيق الأهداف والإبداع والابتكار .
*يحقق الخطة الاستراتيجية وأهداف المؤسسة وكذلك معايير الجودة والاعتماد التي اعتمدتها المؤسسة
*يحد كثيرا من الخلافات وأجواء التوتر بين العاملين والإدارة العليا للمؤسسة حيث إن التعاقد الذي وقعه العاملين واضح ولا تلاعب فيه ولم يتغير ما يؤثر ايجابيا في تحقيق مخرجات التعلم وجودة العمل .
*يدعم انتماء العاملين للمؤسسة في أجواء من التسامح والاجتهاد والرغبة الحقيقية في تحقيق انجازات ترفع من شأن المؤسسة .
وأخيرا؛
إن دعم ومساندة الإدارة العليا لتطبيق منهجية الجودة وتحقيق معاييرها وقناعتها بهذا الفكر هو نقطة الانطلاق المحورية لبناء صرح الجودة ؛لأن تغيير المؤسسات التعليمية إلى الأفضل لابد أن يمر من خلال مجموعة من القرارات والإجراءات لا يمكن أن تتم إلا بدعم مساندة فاعلة من الإدارة العليا للمؤسسات التعليمية .