استطاعت المملكة العربية السعودية بسواعد وكفاح رجالها تسجيل عدة مواقع ومعالم مادية ولا مادية وطنية في التراث العالمي الإنساني، وهي على النحو التالي:
أولاً: التراث المادي
1)- مدائن صالح: هي أول موقع يتم تسجيله في السعودية في قائمة التراث الإنساني العالمي باليونسكو في عام 2008م، وتضم آثار مدائن صالح 153 واجهة صخرية منحوتة، كما تضم عدداً من الآثار الإسلامية والتي تتمثل في عدد من القلاع وبقايا خط سكة حديد الحجاز والتي تمتد لمسافة 13كم وكذلك المحطة والقطارات، كما يوجد موقع أثري آخر يعرف بمدائن شعيب يقع شمال غرب مدائن صالح ويتبع منطقة تبوك، حيث يحتوي الموقع على آثار تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في مدائن صالح.
2)- حي الطريف بالدرعية التاريخية: يعتبر من أهم معالم الدرعية الأثرية ليصبح الحي الموقع السعودي الثاني الذي يتم تسجيله في قائمة التراث العالمي عام 2010م، وذلك لاحتضانه أهم المباني الأثرية والقصور والمعالم التاريخية، حيث ضم معظم المباني الإدارية في عهد الدولة السعودية الأولى، كقصر سلوى الذي تم إنشاؤه أواخر القرن الثاني عشر الهجري، وكانت تدار منه شؤون الدولة السعودية الأولى، وكذلك جامع الإمام محمد بن سعود، وقصر سعد بن سعود، وقصر ناصر بن سعود، وقصر الضيافة التقليدي الذي يحتوي على حمام طريف، ويحيط بحي الطريف سور كبير وأبراج كانت تستخدم لأغراض المراقبة والدفاع عن المدينة.
3)- جدة التاريخية: تم انضمامها إلى قائمة التراث العالمي عام 2014م، تقع في وسط مدينة جدة، تضم جدة التاريخية عدداً من المعالم والمباني الأثرية والتراثية، مثل آثار سور جدة وحاراتها التاريخية مثل حارة المظلوم، وحارة الشام، وحارة اليمن، وحارة البحر، كما يوجد بها عدد من المساجد التاريخية أبرزها مسجد عثمان بن عفان، ومسجد الشافعي، ومسجد الباشا، ومسجد عكاش، ومسجد المعمار، وجامع الحنفي، إضافة إلى الأسواق التاريخية.
4)- مواقع الرسوم الصخرية في موقعي جبة والشويمس بمنطقة حائل: يعتبرا من أهم وأكبر المواقع الأثرية في المملكة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد، وهما رابع المواقع الأثرية التي تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو في عام 2015م.
5)- واحة الأحساء: تعد من أشهر واحات النخيل التي تزخر بعيون المياه العذبة، وهي أكبر واحة نخيل محاطة بالرمال في العالم، حيث تضم أكثر من 1.5 مليون نخلة منتجة للتمور، الأمر الذي أهّلها للمشاركة في المنافسات الدولية لعجائب الدنيا السبع، وإدراجها ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي لعام 2018م.
ثانياً: التراث الغير مادي
1)- الصقارة: تحمل الصقور كثيرا من الدلالات الرمزية، وتاريخها الطويل في تراثنا العربي يشهد بشراكتها للإنسان، ودورها في صناعة حضارته منذ آلاف السنين، ولا سيما في الجزيرة العربية، إذ كان العرب يصيدون بالصقور، ويأخذونها مصدر رزق لهم، وكانت رمزا للقوة والنبل والشجاعة، إلى أن أصبح الصقر رمزا للعرب، كشهادة مسلم بها عالميا، وقد أدرجت منظمة اليونسكو تربية الصقور ضمن قائمة التراث اللامادي للإنسانية لعام 2010م، والبلدان المعنية بهذه التربية كما وردت في القائمة هي: الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وبلجيكا وفرنسا والجمهورية التشيكية وجمهورية كوريا ومنغوليا والمغرب وأسبانيا وغيرها من الدول.
2)- المجالس: أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي اللامادي في السعودية تحت عنوان «المجلس، مكان ثقافي واجتماعي»، بالتشارك مع كل من الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عُمان، وغيرها في عام 2015م. والمجلس مكان اجتماع أفراد المجتمع لمناقشة الأمور والقضايا المحلية، وتبادل الأخبار سواء أخبار الشأن العام أو ما يخص حاضري المجلس، وهو بالتالي مكان للتواصل الاجتماعي. يعتبر المجلس مكاناً لأداء الواجبات الاجتماعية من استقبال الضيوف وتقديم واجب العزاء وإقامة حفلات الزفاف.
3)- القهوة العربية: أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي اللامادي في السعودية تحت عنوان «القهوة العربية رمزاً للكرم»، بالتشارك مع كل من الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عُمان، وغيرها في عام 2015م. يمارس هذا التراث جميع فئات وشرائح المجتمع غير أن حملته والمحافظين على استمراريته هم شيوخ ورؤساء القبائل والبدو من الرجال والنساء الكبار في السن وأصحاب المتاجر المتخصصة في بيع القهوة، ويحرصون على نقل تقاليد القهوة العربية في إطار العائلة عبر الممارسة والمراقبة ويتعلم الشباب أسلوب اختيار حبوب القهوة المناسبة من خلال مرافقة الكبار إلى السوق.
4)- العرضة النجدية: حيث تعد أشبه بالرقصة الرسمية للبلاد وذات حضور قوي في المناسبات الوطنية، وفيها يحرص الملك والأمراء والمواطنون على المشاركة بها، معبرين بذلك عن أجواء الفرح والسلام.
وقد تم تسجيلها كمعلم تراثي إنساني عالمي في عام 2015م.
5)- المزمار: يعد من الرقصات التراثية في منطقة الحجاز بالمملكة العربية السعودية، والتي تمارس لإحياء المناسبات العائلية والاحتفالات الوطنية، ويشارك في رقصها نحو 100 رجل مصطفين في صفين مقابل بعضهما البعض، يصفقون ويرددون أغاني البطولة والحب، ويرقص رجلان بالعصي في وسط ساحة الرقص على إيقاع الطبول لفترة محددة ثم يفسحون المجال لغيرهما. وق أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ”اليونسكو“، في الثاني من ديسمبر لعام 2016م، رقصة المزمار السعودية ضمن قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي.
6)- القط العسيري: يعني تلك الزخارف والرسومات الفنية على جدران البيوت التهامية القديمة، ويوجد "القط العسيري" بزخارفه الرائعة كنماذج متعددة في أعمال الديكور والأثاث والأزياء السعودية، وقد تم الاعتراف به في عام 2017م.
7)- نخيل التمر: أدرجت ضمن التراث العالمي اللامادي تحت عنوان «نخيل التمر، المعارف والمهارات والتقاليد والممارسات» في عام 2019م، وهي ضمن التراث الثقافي للمملكة العربية السعودية بالتشارك مع العديد من الدول: البحرين ومصر والعراق والأردن والكويت وموريتانيا والمغرب وعمان وفلسطين والسودان وتونس والإمارات العربية المتحدة واليمن. يعتبر النخيل جزءاً من تاريخ هذه الدول حيث أنه مصدر للعديد من المزارعين والحرفيين وأصحاب المهن اليدوية والتجار وأصحاب المصانع والشركات الغذائية.
8)- مهرجانات الإبل: تم انضمامها لقائمة التراث العالمي الإنساني باليونسكو في عام 2020م، عن طريق المنظمة الدولية للإبل بمشاركة (96) دولة ويمثلها رئيسها الشيخ/ فهد بن فلاح بن حثلين، حيث أقامت عدة فعاليات دولية متعلقة بالإبل في آسيا الوسطى، وسويسرا، وفرنسا. كما كان لنادي الإبل دوراً كبيراً من خلال إشرافه على مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل بالصياهد الجنوبية للدهناء. الجدير بالذكر أن الإبل تتميز بتراث عريق وعادات أصيلة توارثتها الأجيال منذ القدم، لما لها من أثر كبير على حياة الكثير من أبناء المجتمع في العالم، وما ترتبط به من منسوجات ولباس ومأكولات ومشروبات وملبس ومسكن وألعاب وطريقة حياة تزخر بالكثير من المتابعة والاهتمام من شرائح كثيرة من المجتمع، وتساعد على إدخال البهجة والسرور والسعادة على المهتمين بها وروادها وزوارها ونشر السلام العالمي وتوطيد العلاقات الاجتماعية البناءة وتحظى رياضاتها وفعالياتها بشعبية كبيرة عند أغلب دول العالم.
جدير بالذكر أن التراث المادي والغير مادي يتطلب الإعداد لمشروع تسجيله كتراث عالمي عدة سنوات تتراوح من سنة إلى خمس سنوات، وأحياناً ترد ولا تقبل تلك المعالم أو الرموز أو المواقع التراثية، مما يتطلب إعادة تقديم تلك الملفات الدولية مرة أخرى بطريقة تتوافق مع متطلبات اللجان المختصة.
بقلم د.خالد بن عبدالله التركي
عضو مجلس إدارة نادي الإبل