تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية دول أمريكا اللاتينية بمثابة حديقتها الخلفية , يعني مجرد عزبة لها أو ما هو متعارف عليه (جمهوريات الموز) , فثروات هذه البلاد الزراعية والمعدنية تتولى إدارتها والهيمنة عليها وشرائها برخص التراب الشركات الأمريكية , وتعمل هذه الشعوب في تلك الدول كعبيد (سخرة) لدى تلك الشركات مقابل عائد مادي لا يكفي حتى لتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة , ولذلك فإن أي حكومة ديموقراطية تصل إلى الحكم هناك تعد بمثابة (خط أحمر) أمريكي لا يمكن القبول به إطلاقا , تكمن قوة أمريكا الإقصادية بشكل خاص و (ضباع العالم) بشكل عام في نهب ثروات الأمم (أسعار رمزية) , وإشعال الحروب (لوبي السلاح) , وإفقار الشعوب عن طريق إغراقها في الديون (صندوق النقد الدولي) وأيضا نشر المخدرات (الإدمان)! لأن أي تحرر من هذه القوى الإستعمارية (الساقطة أخلاقيا) يعني بالمختصر المفيد أن تضع هذه الشعوب أيديها على ثرواتها وبالتالي حدوث إنهيار إقتصادي لدى هذه الدولة المتوحشة , وبالتالي فالخيار المطروح أمام الشركات الأمريكية أما الطرد أو أن تستمر ولكن وفق مبدأ العرض والطلب العالمي .
لقد أطاحت أمريكا بحاكم تشيلي سلفادور الليندي وأجهضت أول تجربة ديمقراطية دستورية في أمريكا الجنوبية, عن طريق الجنرال الدموي بينوشيه , لأنه وقف مع الفقراء ضد الطبقة الفاسدة التي تخدم مصالحها , يتكرر هذا المشهد بكل تفاصيله مع رئيس بنما السابق عمر توريخوس والذي لأول مرة لم يعد ألعوبة “في يد واشنطن أو أية أيادٍ أخرى , بدعم أمريكي تمت الإطاحة به عن طريق (نوريغا) جنرال أمريكا المفضل (تفجير طائرة) , وأيضا تم تصفية رئيس الأكوادور السابق خايمى رولدوس (تحطم طائرة) ؟!! بعد أن إستطاع الرجل أن يحقق النمو الاقتصادي في بلده ويرفع مستوى الدخل (الأجور) . هذه الإغتيالات أو الإنقلابات (التصفيات) شملت العديد من الدول هناك وطالت كل زعيم وفي أكثر من دولة حاول أن يقف في وجه الهيمنة الأمريكية . بعد أن نجحت في تصفية الرئيس الفنزويلي السابق (شافيز) والذي استطاع أن يشكل تكتل معاد لها في دول أمريكا اللاتينية . الآن دول أمريكا اللاتينية تنتفض (بوليفيا , شيلي , كولومبيا) ضد الفقر والجوع والبطالة (الهيمنة الأمريكية) . من كان يتصور أن الرئيس البوليفي المنتخب ديموقراطيا (ايفو موراليس) والذي استطاع أن يضاعف الدخل القومي لبلاده ثلاث مرات , وأن يخفض عدد الفقراء بنسبة 50% خلال (12) سنة فقط من توليه إدارة البلاد , أن تتم الإطاحة به (ثورة ملونة) بنكهة أمريكية ؟! وصدر قرار بمنعه من الترشح مرة ثانية للرئاسة كما تم سابقا منع الرئيس البرازيلي السابق (ديسلفا) قائد نهضة البرازيل بل وسجنه بتهمة الفساد ؟! أعتقد أنهما سوف يعودان مجددا .
كما فشلت أمريكا في إسقاط (مادودا) فنزويلا ، أعتقد أن الإضطرابات التي تشهدها دول أمريكا اللاتينية سوف يكون لها ما بعدها , وأن شمس الهيمنة الأمريكية في طريقها الى المغيب , لأن مشكلة أمريكا هناك مع الشعوب (ثورة الجياع) . إرتباط دول أمريكا اللاتينية إقتصاديا وسياسيا وتاريخيا بالولايات المتحدة الأمريكية ، يجعل من الصعوبة بمكان تحرر الشعوب اللاتينية من القبضة الأمريكية قريبا ، ولكنه سوف يساهم بدون شك في إضعاف القبضة الأمريكية عليها .