سؤال بات يطرحه الكثير من المفكرين في الشرق والغرب، حتى الموضوعات التي تتطرق إلى ذلك في الشبكة العنكبوتية تجد مقص الرقيب (الحجب) كان لها بالمرصاد ولكن لماذا ؟! هل حقا ما زال الشعر ديوان العرب ؟! في الماضي حيث كان الشعر هو الوسيلة الإعلامية الوحيدة المتاحة للتعبير (لسان القبيلة) , بل كانت العرب تحتفل بمولد شاعر (نبوغه) ! في زمن كانت فيه الأمية تطغى على المجتمع . ولكن أن يتم إسقاط ذلك على الشعر والشعراء في العصر الحديث , الحقيقة فيه نوع من الهروب من الواقع (إيقاع العصر) . دواوين شعرية تصدر لكبار الشعراء في الغرب والشرق ومع ذلك لا يباع منها إلا المئات ؟! في الماضي كان الشعر يعكس نبض المجتمع ويسجل كل تفاصيل الحياة اليومية (التاريخ) . هناك ألوان أدبية بدأت تحتل الصدارة مثل كتابات السير الذاتية والكتب الفكرية والتاريخية وتطوير الذات ! حتى دور النشر تجدها لا تجازف بطباعة الدواوين الشعرية لأنها تحولت إلى بضاعة مزجاة .
وإذا أراد الشاعر طباعة أي انتاج شعري له فليكن ولكن : على حسابه الخاص وتحت مسؤوليته مع تقديم المعلوم مقدما لدور النشر . الحياة أفعال وليس أقول والعنتريات (بياع الكلام) ليس له مكان في هذا الزمان , حيث تسود الفتن والحروب والفقر والجوع والبطالة , وهو ما زال يتكسب بشعره من خلال تقديس وتأليه الأفراد , والتغزل في الحبيبة التي لا تقر لهم بحب ! لو تأملنا في الساحة الإعلامية والثقافية في العالم العربي بشكل عام لوجدنا إن من يتصدرها حاليا لا يعدو عن كونهم من أشباه وأنصاف وأرباع المثقفين , بل يتم فرضهم بالقوة رغم أن الجمهور يزدريهم بل وينبذهم في الغالب ؟! قنوات شعرية بل وطباعة الدواوين الشعرية مجانا ووسائل الإعلام التي تفتح ذراعيها لهم والأندية الأدبية التي تحتضنهم والتي تسكنها الأشباح , بل وتجد هناك الكثير من الرسائل العلمية الجامعية التي تبحث وتمجد في هذا النوع من الإنتاج الشعري (الهباب) , بل وتجدهم غالبا ما يحملون النص الشعري أكبر من طاقته وبمعاني لم تكن حتى في بطن الشاعر !! ومع ذلك لا تجد لهم أي إنتشار أو قبول ! الجمهور لا يمكن خداعه حتى على مستوى كرة القدم . بل تجد أن البعض من الشعراء الذين استطاعوا أن يحققووا بعض النجاح يتم محاربتهم بل وتهميشهم (الشعر الجاد) ؟! يقول عميد الأدب العربي طه حسين : إذا دخلت السياسة إلى الأدب أفسدته , أعتقد أن الأمر الآن تجاوز السياسة بمراحل , نحن الآن في زمن (الأنترنت) , إنه ليس ديوان الشعوب بل يمثل تاريخها ونبضها (برلمانها) وبالمختصر المفيد حقا الأيام دول ( عصر المعلومة )؟! من يملك حاليا من الوقت كي يقرأ رواية أو قصة ذات مضمون متواضع ؟! بينما تعج وسائل التواصل الإجتماعي بما لذ وطاب من الأدب والفنون والأخبار والتحليلات بالصوت والصورة والكلمة والرأي والرأي الآخر وبما يناسب جميع الأذواق , اليوم الصورة تغني عن ألف مقالة عفوا قصيدة ، ْ نحن اليوم في زمن الصورة التي تأتيك على الهواء مباشرة بدون رتوش بعيدا عن المبالغات والتهويلات الشعرية (الحلمنتيشية) , وتستطيع أن توصل لك المعلومة بطريقة يعجز عنها فطاح الشعر في الماضي والحاضر .