تمثل حوادث الطرق مشكلة خطيرة ومتزايدة في الدول النامية والدول العربية، دون استثناء، فالإصابات الناتجة عن الحوادث في تزايد مستمر مع استمرار تدهور السلامة على الطرق إلى مستويات أصبح من الصعب السيطرة عليها، وبالرغم من أن البلدان النامية لا تملك سوى 11% من 375 مليون سيارة ركاب في العالم، بيد أنها تمثل ما نسبته 76% من عدد وفيات حوادث الطرق في العالم التي تبلغ حوالي 500,000 سنويًّا وتقع نحو 50% من هذه الحوادث في المدن.
وقد أكّدت أكثر من دراسة أن سلوك الإنسان يشكّل أكبر عامل من عوامل حوادث السير؛ حيث يصل إلى أكثر من 80% من أسباب الحوادث في المملكة العربية السعودية، هذه الدراسات ينبغي التركيز عليها واستمرارها، والعمل على التطبيق الفوري لنتائجها، كما ينبغي استمرار التركيز على الدراسات التنظيمية التي تعمل على تحسين مستوى النظام وكفاءته.
إن الدولة المتقدمة والنامية تعاني على حد سواء من مشكلة الحوادث المرورية التي أصبحت مشكلة متفاقمة ومعقدة في النتائج والآثار وتزداد خطورتها عاماً بعد عام ، رغم الجهود التي تبذل للحد منها نظراً للتحول الشامل الذي تشهده الدول جميعاً في المجالات الاجتماعية والاقتصادية كافة بما يواكبها من تغيرات أدت إلى زيادة الحركة والانتقال على الطرق العامة.
يقول الدكتور راضي عبدالمعطي السيد في كتابه ( الآثار الاقتصادية لحوادث المرور ) : تعد الحوادث المرورية وما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية من أهم المشكلات التي تواجه المجتمعات ، نظراً لحجم هذه الخسائر وتأثيرها السلبي في التنمية.
وإذا تأملنا الإحصاءات الرسمية التي تصدر عن الجهات المعنية بالمشكلة في معظم الدول ، فسنجد أرقاماً هائلة ومخيفة من الحوادث المميتة التي تؤدي في معظمها بحياة الشباب أو تعوقهم.
وعلاوة على ذلك فإن الحوادث المرورية التي تترك إصابات وإعاقات تحدث خللاً أسرياً واجتماعياً ونفسياً كبيراً.
فمشكلة الحوادث المرورية تعد أبرز المشاكل التي تواجهها معظم الدول نتيجة الزيادة المطردة في عدد الحوادث والإصابات والوفيات الناتجة عنها.
ورغم أن السيارة هي أهم الأدوات الرئيسة في حركة المرور، ورغم ما تحققه للبشرية من منافع عديدة وفوائد متنوعة ، إلا أن لها آثاراً ضارة سواء على الصحة العامة أو في مجال الطاقات المستنزفة وهو ما ينعكس بأثر سلبي على التنمية.
ولقد كشفت الإحصاءات العالمية الحديثة أن هناك ما يقدر بأكثر من مليون و200 ألف شخص يموتون سنوياً في العالم ويصاب من عشرة إلى خمسة عشر مليون شخص نتيجة لحوادث المرور ، وغالباً ما تترك هذه الحوادث نسبة من الإصابات الجسيمة والمؤدية إلى إعاقات مختلفة ، ويقدر أن ضحايا حوادث المرور يشغلون على الأقل (10%) من مجموع أسرّة المستشفيات في العالم.
وفي دول العالم النامي ، ومنها الدول العربية تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن حوادث المرور تقف سبباً رئيساً للوفيات ، بل إنها تنافس أسباب الوفاة الأخرى مثل أمراض القلب والسرطان.
وقد أثبتت الدراسات المتخصصة أن معدلات الوفيات لكل عشرة آلاف مركبة مسجلة في الدول النامية تعادل عشرين ضعفاً لتلك المسجلة في الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية.
كما أن معدلات الحوادث المرورية سجلت انخفاضاً خلال العقدين الماضيين في الدول الصناعية، بينما لا تزال هذه المعدلات تتصاعد في الدول النامية ، ما دعا منظمة الصحة العالمية إلى أن تسمي هذه المشكلة بأنها مرض العصر، ولقد نجحت الدول الصناعية في مواجهة مرض العصر( حوادث المرور ) وذلك من خلال جهود ضخمة بذلتها تلك الدول منذ نهاية الستينات الميلادية.
إنّ حوادث المرور بما يترتب عليها من خسائر بشرية واقتصادية تعد من أبرز المشكلات التي تواجه تطور المجتمعات المعاصرة وتقف حجر عثرة في نمائها .
ويتضح ذلك بشكل واضح وملموس في الدول النامية حيث أكدت منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي أن حوادث الطرق هي السبب الثاني للوفاة بين سكان العالم خاصة في المرحلة العمرية من خمس سنوات إلى تسعة وعشرين عاماً ، كما أنها السبب الثالث الرئيس للوفاة بين سكان العالم في المرحلة العمرية من 30-44 عاما.
إذن ما المطلوب :
أولاً: الاهتمام بالدراسات والأبحاث العلمية في مجال حوادث المرور وضرورة الاستفادة من الأبحاث والدراسات التي تقوم بها الجامعات لمعالجة المشكلات الأمنية المختلفة.
ثانياً: تفعيل دور الإعلام الأمني لتنمية المسؤولية الاجتماعية لكل أفراد ومؤسسات المجتمع بدءاً من المساجد والأسرة والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام وأهل الفكر فالجميع مطالب بأن يقوم بالدور المطلوب.
ثالثاً: التوسع في استخدام أحدث التقنيات للسيطرة على حركة المرور والإلمام ما توصلت إليه الدول المتقدمة.
رابعاً: الأخذ بالمعايير الهندسية لتحسين مستوى سلامة الطرق وتقليل الازدحام المروري.
خامساً: دراسة وقياس مستوى التحسن في السلامة المرورية باستخدام المؤشرات الدولية.
أ . د / زيد بن محمد الرماني
ــــ المستشار الاقتصادي
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التعليقات 1
1 pings
سعد المناع
29/10/2019 في 5:50 م[3] رابط التعليق
أن هناك مايسمي بالأميه التعليميه والتي تمثال هاجساً لأغلب الدول تُعمل الدراسات وتُسَخر ألإمكانيات للقضي عليها ،
ولاشك أن الدول تتفاوت فيما يسمي بالأميه المروريه والتي يعاني منها كثير من المجتمعات وخاصةً منها مايسمي بالناميه حيث لم يُفعل ما هو جديرٌ بالقضي عليها وأُكتفيَ بحلول غير كافيه تعتمد علي العقاب دون تفعيل الثواب بشكلٍ فعال ولذلك ستستمر حتي تُفعل الحلول النهائيه لِجَنِب الثواب مقابل العقاب وعندها فقط سيُحَد من جانب هذه ألأُميه وسَيُحد من الهدر الإقتصادي والهدر في ألأرواح والله من وراء القصد ،،
(0)
(0)