في السنوات الثلاث الأخيرة، تعددت حالات وفيات الطلاب في المدارس، وتنوعت أسباب تلك الوفيات ما بين الغرق في مسبح المدرسة، أو الاختناق في باص النقل، أو السقوط في حفر الصرف الصحي، وأخيرا كانت حالة وفاة طالب نتيجة مشاجرة أثناء الفسحة، والملاحظ أنها ميتات مؤلمة ويتفطر لها القلب، وغالبا كان الضحايا من المراحل العمرية الصغيرة، ونحمل لذوي وأهالي الضحايا كل مشاعر المواساة والحزن والدعاء لمن فقدوا بالرحمة والمغفرة.
وبعيداً عن القذف بالمسؤولية على أفراد أو جهات أو مؤسسات معينة، فإن علينا الآن التفكير بشكل جاد ومنظم للحد من تكرار هذه المأساة في مدارس أخرى، والمحافظة على أرواح أبنائنا الطلاب، وجعل المدرسة مكانا ً آمناً لهم، وفي هذا الاتجاه أقدم بعض المقترحات التي آمل أن تساهم في توفير البيئة المدرسية الآمنة، وتحقيق معايير السلامة المدرسية التي يستحقها أحبابنا الطلبة:
* إعداد تنظيم واضح وشامل يعالج أعمال الإشراف اليومية على الطلاب بالمدارس، ويحدد من خلالها إجراءات المناوبة والإشراف في الفسح وأثناء دخول الطلاب وخروجهم من وإلى المدرسة، ويفصل نسبة أعداد الطلبة إلى أعداد المشرفين المناوبين من المعلمين، بحيث يضمن هذا التنظيم ألا تخضع مثل هذه العمليات للاجتهادات والإجراءات العشوائية، كما يجب أن يتابع تنفيذ هذا التنظيم في المدارس بشكل مباشر وحازم من أعلى سلطة تعليمية، مما يلزم أن تحدد العقوبات التي تطال المقصرين في أدائه، وكذلك وسائل التحفيز للمتميزين في تطبيقه، ويكلف كل مشرف تربوي زائر للمدرسة بعمليات المتابعة على انضباط الإشراف اليومي على الطلاب وفق ذلك التنظيم المقرر.
* تزويد المدارس بالمستلزمات التقنية الحديثة من كاميرات مراقبة ومكبرات صوت ونداءات آلية، وتوزيعها على مساحات المدرسة الداخلية والخارجية بالكامل، وتفعيل استثمار دور هذه التقنيات بالأسلوب الأمثل من خلال تحديد مناوب يومي لمراقبة الشاشات فقط، ويقوم بالتنبيه عبر مكبرات الصوت عند حدوث أي مشكلة، بحيث يمكن لجميع من في الساحات ومرافق المدرسة سماع التنبيه وتدارك أي مشكلة في حينها.
* استثمار كافة الوسائل الإعلامية داخل المدرسة من الإذاعة المدرسية والأنشطة اللاصفية والتوجيه المباشر للطلاب ، لتثقيفهم وتوعيتهم بكيفية التعامل أثناء وقوع المشاجرات بين الطلاب، حتى لا يكون دورهم المشاهدة والتجمهر، بل المبادرة في فض النزاع وإبلاغ المعلمين والإدارة فوراً.
* أن تعد كل مدرسة خطة إجرائية واضحة المهام والخطوات لدخول وخروج الطلاب من وإلى الفصول الدراسية، ومراعاة الفئات العمرية الصغيرة في ذلك.
*ينبغي أيضاً تشريع قرارات تلزم الإداريين بالمدارس بالتعاون مع إدارة المدرسة والمعلمين جنباً إلى جنب في أعمال الإشراف والمناوبة على الطلاب .
* كذلك يقترح أن يلزم متعهد المقصف المدرسي وفق أطر تنظيمية واضحة بأن يكون له دور وتعاون في تنظيم عمليات شراء الطلاب من المقصف ، بما يضمن عدم حدوث التدافع والزحام، وإيجاد الحلول الملائمة لتوفير الوجبات لجميع الطلاب في جو من الراحة والأمان الخالي تماماً من الصراع والتسابق العنيف، فما يحدث في كثير من المدارس من تدافع وصراع الطلاب على شراء وجبة الإفطار شيء يندى له الجبين ، ومن المحتمل جداً أن يتسبب بأذى وإصابات خطيرة عليهم.
* دور المرشد الطلابي مهم جداً في القضاء على المنازعات بين الطلاب، ومكافحة التنمر، والاعتداء الجسدي واللفظي، حيث ينبغي تفعيل دوره التوجيهي ومتابعته متابعه شاملة، إذ لا يمكن أن تكون هناك مدرسة خالية من النزاع بين الطلبة والتنمر والاعتداءات المختلفة، وهنا تبرز الأهمية البالغة بأن يتجه الإرشاد الطلابي لمثل هذه القضايا بالعديد من البرامج السنوية المستمرة لحماية الطلاب من كل ما يمكن أن يسبب الأذى لهم في المدرسة.
ختاماً، آن الأوان للمؤسسات التعليمية والقائمين على صنع القرار فيها، التركيز على جميع العمليات داخل المدرسة، وألا تتشتت اهتماماتهم في جوانب إدارية تفصيلية بعيدة عن ميدان المدرسة، فكل المشاريع والبرامج التطويرية لن تحظى بالنجاح، ما لم يتم حوكمة العمليات داخل المدرسة من تعليم وتعلم وتربية وإشراف وتنظيم متكامل يضمن بعون الله أن تكون المدرسة بيئة آمنة وصحية وتربوية لأبنائنا وأحبابنا الطلاب.