رغم حرارة الطقس وشهر رمضان، إلا أن شوارع الجزائر العاصمة شهدت حركة مع صبيحة يوم الجمعة الثانية عشرة من الحراك الشعبي، الذي يبلغ منعرجاً حاسماً بأول يوم جمعة من الشهر الفضيل، للمطالبة برحیل كل وجوه نظام الرئیس السابق عبد العزيز بوتفلیقة، وعلى رأسھم رئیس الدولة عبد القادر بن صالح، وحكومة الوزير الأول نور الدين بدوي.
ورغم رمضان والحر فإن النداءات كانت كثيرة للمشاركة بكثافة اليوم في جمعة وصفها البعض بجمعة “الصمود” للتأكيد على أن المطالب لم تتحقق كلية، ومحاسبة كل من تورط في الفساد وبدد المال العام.
وشرع المتظاهرون في التجمع بساحة البريد المركزي بالجزائر العاصمة كما جرت عليه العادة كل يوم جمعة، كما رفع المتظاهرون شعارات تنديدية بالوضع حملت أبرزها عبارة “صامدون صامدون في حراكنا ماضون”.
وجاءت الاحتجاجات هذه الجمعة عقب ساعات من خبر إيداع زعيمة حزب العمال لويزة حنون، السجن المؤقت في قضية تتعلق بالمشاركة في التآمر ضد سلطة الجيش وأمن الدولة، والمتهم فيها سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، واثنين من كبار المسؤولين السابقين في الاستخبارات الموجودين قيد الحبس المؤقت.
ولأول مرة منذ بداية الحراك الشعبي لم تشهد العاصمة إنزالا أمنيا، ففي ساحة أول ماي كانت مصالح الأمن غائبة تماما صبيحة اليوم، فيما لوحظ تواجد مكثف لأعوان الشرطة بالزي المدني.
ووقف العشرات من المتظاهرين أمام البريد المركزي دقيقة صمت على ضحايا مجازر 08 مايو 1945 التي ارتكبها المستعمر الفرنسي بسطيف وقالمة وخراطة، سوق أهراس وغيرها من المناطق آنذاك.
يذكر أن الشعب الجزائري وقتها انتظر بلهفة انتصار قوات الحلفاء على النازية إيمانا منه بأن الاستعمار الفرنسي سيفي بوعده بمنح الحكم الذاتي لمستعمراته فور تحقيق النصر، وفي الثامن مايو من عام 1945 خرج الجزائريون على غرار باقي سكان المعمورة للاحتفال من جهة ولتذكير فرنسا بالتزاماتها من جهة ثانية لكن في ذلك اليوم ظهر الوجه الحقيقي للاستعمار الذي كان لا يعرف لغة غير لغة السلاح والقتل، إذ توج الوعد الزائف بخيبة أمل ومجازر رهيبة تفنن فيها المستعمر في التنكيل بالجزائريين وشن حملة إبادة راح ضحيتها ما يناهز 45 ألف شهيد.
وبالعودة إلى مظاهرات اليوم فقد انطلقت كذلك في عديد ولايات الجزائر، حيث واصل آلاف المواطنين بعاصمة الولاية غليزان “بالغرب الجزائري” حراكهم الشعبي في جمعته الثانية عشرة والذي تزامن مع أول جمعة في شهر رمضان المعظم.
وقد عرفت الشعارات التي رددها المشاركون في المسيرة التي جابت عدد من الأحياء بوسط المدينة تحولا كبيرا تماشيا مع الأحداث السياسية ومنها بالخصوص “صائمون صامدون”، و”ديقاج حكومة بريولاج”، أي “ارحلي يا حكومة الترقيع”، و”سلمية سلمية”، و”مرحلة انتقالية بشخصية وطنية”.