الحقيقة قاسية في بعض أشكالها وقد لا يتقبل الكثير فتح المجال للخوض في أتونها ويرفض ذلك بشكل قاطع ، لكن الواقع يحتم علينا الأعتراف ببعض الحقائق مهما بلغت مرارتها!
في طريقنا إلى رمضان .
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( عمرة في رمضان تعدل حجة معي )
فضل عظيم أن يكسب الانسان أجراً بهذا القدر تماشياً مع السنة المطهرة.
ولكن الأعمال فيها تفاضل وتمايز فمرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة بلا شك أفضل من عمره .
من الملاحظ أن مكه في شهر رمضان المبارك تزدحم بالمعتمرين من جميع اصقاع الأرض ويعم الفرح قلوب الناس عندما يرون الحرم المكي يكتض بتلك الجموع ، وهذا بلا شك أمر مفرح لكل مسلم.
ولكن..
السؤال الذي يستوجب التفكير فيه :-
هل هذا مايريده الله منا في رمضان ؟ وهل مايريده الله أن تكون قيمة إيجار الغرفة في فندق مجاور للحرم بعشرة آلاف لليلة واحدة في العشرة الأول من رمضان لتصل إلى سبعين الف ريال لليلة الواحدة من عشر أواخره؟!
أو ليس هذا نوع من أنواع الأنحراف الفكري والعقائدي ؟
وهل من العقل أن يدفع شخص الف ريال لحجز مكان له في الصف الأول في الحرم لأداء صلاة التراويح ويبخل أو يستكثر دفعها لرعاية عدد من الأيتام لمدة تزيد على الشهر !
بعض البدع قد لا تدعو إلى القبائح والانحراف بشكل دائم ، بل على العكس ، قد تدعو إلى المحاسن ، لتصرف الأنسان عن حقيقة مايريده الله منه في رمضان وغيره ..
ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم :
( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى ، وفرق بينهما قليلاً )
كيف ولماذا أصبحت فكرة صحبة النبي في العمرة أهم عند البعض من فكرة صحبته في الجنة!
أليس من المحزن أن تتكفل الدول الغربية بأستقبال وكفالة ألاف أيتام المسلمين وتقدم لهم الرعاية الفاخرة ثم تحولهم إلى نصارى لتقذف بهم غصة في حلوقنا ونحن ندفع عشرات الألاف ثمن لأجرة غرفة تطل على الحرم لليلة واحدة ونتباها بذلك وكأنها روضة من رياض الجنة!
ألم يقل : ( الرسول صلى الله عليه وسلم:
مَن قَضَى لأخِيهِ المسلمِ حاجةً، كان له من الأجرِ كمَن حَجَّ واعتمر )
أين أولئك من قضاء حاجات اخوانهم المسلمين ، رغم تزايد الفقر والتشرد في كثيراً من الدول العربية والأسلامية وكأن الأمر تافه لا يستحق التفكير فيه!
هل العبادات الشكلية هي كل شئ وكأن النبي لم يقل : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )
هل يريد الله منا ان نصلي التراويح في الصفوف الأول ثم نجلس بعد ذلك نغتاب فلان وننتقص علان!
أليس هذا هو الإمتلاء الديني الزائف الذي يجعل الشيطان يحتفل كل ليلة من ليالي رمضان الكريم؟
لا بل ربما نجد الشيطان يدفعنا للمزيد من هذه العبادات الشكلية حتى يطمئن بأن غفلتنا ستمتد حتى الموت!
( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) .
أليس من الغباء أن يصوم أحدنا لعدة ساعات ليفطر على طعام بكلفة مئات بل ألاف الريالات يكفي لعدة أيام ثم تُرمى بقاياه في براميل الزبالة ، لانه في رمضان يفترض ان نتناول كل ليلة أكلة من نوع آخر !
ألم يحن الوقت أن يصحو الكثير من الناس ممن يمارسون هذه التصرفات ويحولون تلك المبالغ الباذخة بدون وجه حق إلى السُبل المؤدية لرعاية الأيتام والمشردين في الأرض من المسلمين بدلاً من أن يصرفوا النظر عنهم ليستغلهم الغرب ويؤهلهم حسب مايشتهي ؟!!
في الختام ليعلم أولائك الباذخون أن لو كان في عملهم ذلك ميزة لهيأ الله لنبيه من كنوز الدنيا ما يجعلة ينفق أضعاف مضاعفة مما ينفقون ، فلن يكون أحداً من الخلق سباق لفضيلة لم يهب الله السبق إليها لصفوة خلقه ، وليعلم من يجهل ذلك أن النبي لم يعتمر في رمضان ولو عمره واحده!!
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
ابوثامر
25/04/2019 في 1:16 ص[3] رابط التعليق
مقال من ذهب. وقل نضيره يستحق أن يعرض في جميع وسائل التواصل الأجتماعي. وفي قنواة السعوديه. طيلة شهر رمضان. شرح واقع أكثر السعودين ينسى الحرم النبوي. والحرم المكي ١١شهر ومايتذكرها الى في شهر رمضان. ابدعة ونفعة بمقال المفروض ينقش نقش.. رحم الله والدينك يا الامير.
(0)
(1)
محمد بن جهز
25/04/2019 في 1:54 م[3] رابط التعليق
اسعدني مرورك ابا ثامر.
وسعيد اكثر بأن مانثره قلمي من أحرف ارتقى لما يلامس افكاركم ويجد القبول لدى عقولكم..
تحياتي بحجم السماء..
(0)
(0)
تركي العوفي
25/04/2019 في 7:35 ص[3] رابط التعليق
كيف جعلنا من بعض المعتقدات عبادات لا أساس لها كشهود صلاة تراويح ليلة التاسع والعشرين “ختم القرآن الكريم”
عموماً مقالك يا إستاذ محمد من أجمل ماقرأت.. كم نحن بحاجة إلى مثل هذه الأقلام لتبيان بدع يظنها الكثير عبادة..
شكراً أستاذي ?
(0)
(1)
محمد بن جهز
25/04/2019 في 2:00 م[3] رابط التعليق
هلا وغلا اخوي تركي..
بالفعل وللأسف هذا مايحدث في هذا الزمان.
والمؤسف جداً صرف المبالغ الباهضه في أشياء ليست من الدين بشئ والبخل بها على الأيتام والفقراء وربما على الأقرباء.
تحياتي اخوي تركي بحجم السماء ..
(0)
(0)