أمطري من سحاب أفقك على ارضي مطر
وإخلطي مــــن بياضك واخضرارك مزيج
وإنثري مــــــن ورود خدودك ألطف عطر
وأنعشيني فديتك يالغلـــى بالأريـــج
وإسهرينـــي بليلك بين جـــوّ وْسطر
وأبعديني عن الضوضاء وصخب الضجيج
وأغرقيني بالاحداق وبحرها الخطر
وإتركينـــي غريـــق احداق بحرٍ يهيــج
انتـــي اللي فتنتينـــي بملـح وْبطر
مثــل فتنـــة دبـــي الفاتنــة للخليــج
وانتي اللــي شطرتي قلبـــي المنشطر
لين نارك كوتنـــي باللظـــى والأجيـج
ان قضــى هاجســي مــــــن مقلتينك وطر
قام ينســــج مــــــن الشعـر لغرامك نسيج
امطرينـــي بوابل مــــن سحابـك مطر
وْرجّعينــــي لضوضائك وصخب الضجيج
? الرؤية النقدية ?
لايغيب هذا المهاجر.. إلا ويعود لنا بتفاصيل أخرى وكأن الأماكن تتلون... وتتباهى من أجله كي يقف على طرقاتها.. أشجارها... سهولها وجبالها... شلالاتها بحارها... أنهارها...... ونحن نعذر الزمان والمكان.... كما نعذر شغفنا وانتظارنا لقدومه... فابن عوجان اذى انى حرك ادق التفاصيل... واخضع الكلام... وإذا تحدث.. نثر جوهر البيان وتركنا ننبهر بلمعانه... وجمال بريقه
فهنا وفقة اما شامخة أخرى..
بدأها بحديث في قمة الادب للارض التي يعشقها بان تمطر.. وأشار بأُفقك وكأنه ينوه للاتساع.... وامتداد النظر فصديقنا له مآرب اخرى..
اختار الشاعر لونان (بياض... وإخضرار) وهذا تأكيد لتأصل العشق لأرضه فلون علمها الخفاق لايخرج من ذاكرته.. بل حضور وطنيته أقوى من الاختناق.. ليس بالضرورة أن يكون النص متجه لمشاعر وطنية بكامله.. فنحن نرى أنه اختار البداية أن تكون الوطن... ولكن ربما هو استخدم التورية لمداعبة طرف يرافيه أنه بحجم الوطن.. في الانتماء والحب
وما يخولنا أن نقول ذاك إلا.. عذرية الغزل وحرارة الشغف باللقاء.. فهناك(ورد وخدود.. وعطر واريح) ... وكما قيل.. زيديني عشقاً
زيديني) استوقفني هذا البيت كثيراً
(واسهريني بليلك بين جو وسطر.... وابعديني عن الضوضاء وصخب الضجيج)
أولاً هناك تطعيم بالفصحى على النص أضاف جمالاً ولم يزد الرتم الموسيقي إلا جمالاً آخر.. (سطر.. صخب... ضجيج) وهذا التمكن يدل على إننا أمام شاعر أدواته دقيقة.. ومتمكنة وللعلم أن النص حمل طرز بالكلمات العربية الفصحى في أكثر من شطر..
هذا من ناحية الصياغة اللفضية أما روح الشطر.. ففيها أشار إلى أن الشاعر.. يحمل بداخله الكثير من الهموم وتزاحم المشاكل.. (وابعديني عن الضوضاء وصخب الضجيج) ربما هي استراحة محارب... فكلنا نحتاج مساحة لترتيب الأوراق.. وإعادة التقاط الأنفاس
عاد شاعرنا يوجه خطابه.. للعنصر الثابت وهو ما ذكرناه بالبداية... ولكن هنا تصوير جميل يجدر بنا ننوه إليه ألا وهو
(اتركيني غريق أحداق بحر يهيج.... انتِ اللي فتنتيني بملح وبطر)
تشبيه دقيق للعين وبالتحديد الإحداق بالبحر.. وليس أي بحر بل المتلاطم الهائج.. هذه الصورة التي أوردها يريد أن يؤكد فيها أن الغرق الذي هو به ليس إلا من أمر جلل.. أنهك كل قواه...
كل هذه المسرحية.. اختصرها بكلمتان (بحر...وغريق).. وبهذا يثبت لنا أنه بلغ أسمى درجات العشق..
انتي اللي فتنتيني بملح وبطر
استمرارية في التأكيد لمحبوبته عن هذا الغرام.. بل ويبين لها أن من عناصر الافتتان فيها(ملح... وبطر) (جمال وخيلاء)
مثل فتنة دبي الفاتنة للخليج
التقاطة جميلة فيها عدة مزايا
أولها.. نظرته لنفسه (الخليح) وهو شموخ وكبرياء.. وتفخيم لحجمه ومكانه وضع نفسه الخمسة دول ومحبوبته مدينة صغيرة وهي دبي..
واعتقد تنها التقاطة استباقية..
ومرة أخرى يؤكد الشاعر على حالته النفسية.. بحديثه لمحبوبته أنها زادت في تعلقه وتسببت في تفاقم جراحه (شطرتي قلبي المنشطر.... كويتي باللضى.... نارك....) ولكن هو لايلوم ولا يعتب ويعرف أنها لاتتمنى له هذا العناء... ولكن هي مشاعر لاتحتمل البعد.. ولاتحتمل التجاهل...
وأن قضى هاجسي من مقلتينك وطر
هنا يريد القول لملهمته أن التدبر والتأمل أولاً في عيناك بل استجماع كل المشاعر للتلذذ تمر هو مقدمة.. وتهيئة وإيحاء ولكن لماذا؟
قبل أن أجيب لابد تن ننوه لكلمة وطر.. وهذه مستوحاة من القرآن الكريم (فلما قضى زيدٌمنها وطراً زوجناكها) وهذا يؤكد على ثقافة الشاعر... وبعد افقه
نعود للجواب علي السؤال
لماذ يمعن ويدقق ويتشبع بل ويهيم في المقلتان..
لكي إذا قضى منهما وطرا... رحل إلى هاجسه الشعري وكتب فيها أجمل ما يخالج صدره...
وختم الشاعر ملحمته بنهاية ربما أنها فاجأتنا... فبعد أن مهد لنا كلاسيكية العشق.. ورسم لنا لوحة هادئة...
يعترف أنه بحاجة لصدمة ربما ليفيق من استسلام الرومنسية ومداعبة المشاعر حيث أورد كلمة وابل وهي أقصى حالات الانهمار.. وهو إعلان لانتفاضة ربما يحتاجها شاعرنا
ورجعيني لضوضائك وصخب الضجيج
هناك يريدها أن تبعده عن الضوضاء... وهنا يريدها أن تعيده ولكن لضوضائها وضجيجها.... فقط ليحس انها معه وموجود.... فالصمت أصبح يؤلمه.. حتى وهي معه الصمت يهدد هذا الاختلاء العاطفي المنفرد