صرح معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس في كلمة له بمناسبة اليوم العالمي للعمل التطوعي تحت شعار(التطوع مستقبل الحضارات), مبيناً أن العمل التطوعي ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجموعات البشرية منذ الأزل؛ وأنه خدمة للمجتمع وتعزيز للانتماء الوطني, وركيزة أساسية من ركائز بناء المجتمع المتكافل, وأنه من أهم العوامل المؤثرة على إعداد الأجيال.
موضحاُ أن أهمية العمل التطوعي وتتجلى في القيم الاجتماعية وتتسامى بين أفراد المجتمع الواحد، فالعمل التطوعي عمل نبيل يعزز التكافل الاجتماعي وينشر التلاحم والتآزر بين أفراد المجتمع ولذلك فقد حثت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة على تعميق روح العمل التطوعي في المجتمع المسلم، كما أن ثقافة التطوع المجهولة حالياً، موجودة في تراثنا الاسلامي منذ القدم, وضرب الله –عز وجل- أروع الأمثلة على العمل التطوعي ومرغبا فيه:﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 110].
وعدد لنا الله تعالى صور العمل التطوعي وقرنها بالإيمان والتقوى فيقول سبحانه ويقول الله تعالى:﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].
ويقول الله تعالى: ﴿ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 113 – 115].
ومن صور العمل التطوعي الإيثار قال الله تعالى: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9]، أي: يقدمون خدمة الآخرين ومصلحتهم العامة على المصلحة الشخصية الخاصة.
وفي الأثر “أنَّ رجلًا جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال يا رسولَ اللهِ: أيُّ الناسِ أحبُّ إلى اللهِ؟ وأيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أحبُّ الناسِ إلى اللهِ تعالى أنفعُهم للناسِ وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ يُدخلُه على مسلمٍ أو يكشفُ عنه كُربةً أو يقضي عنه دَينًا أو يطردُ عنه جوعًا ولئن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبُّ إليَّ من أن أعتكفَ في هذا المسجدِ( يعني مسجدَ المدينةِ )؛ وقوله علية الصلاة والسلام “إماطة الأذى عن الطريق صدقة, وفي قول آخر عد النبي عليه الصلاة والسلام إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان, وهذه من أبسط حقوق المجتمع على أعضائه، أن يكون نظيفاَ، فتطوع الفرد المسلم بتنظيف الطرقات، عُد من الإيمان وينال صاحبه بها صدقة توضع في صحيفة أعماله.
ومنوهاً إلى أن المملكة العربية السعودية دائماً ما كانت سباقة في هذا المجال ضاربة أروع الأمثلة فيه, فلا غرو أن يعد من أهم أولويات القيادة الرشيدة لهذا البلاد -حفظها الله– وأنه واحد من اهم الركائز الأساسية للرؤية المباركة للممكلة العربية السعودية(2030),ألا وهو الوصول إلى مليون متطوع في القطاع غير الربحي سنوياً, مستندتاً على ما عند الله عز وجل- وعلى عمقها الديني والإسلامي والثقافي.
وفي الختام دعا معاليه بأن يحفِظ الله بلادنا بلاد الحرمين الشريفين من كل سوء ومكروه، وأن يزيدها أمناً وإيمانا، وسلاماً واستقراراً، وحفظ عليها عقيدتها وقيادتها وأمنها ورخاءها، وسائر بلاد المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.