ما من إنسان يعيش على وجه الأرض إلا ويسعى للبحث عن حياة آمنة مستقرة ، يَسعد بها في دنياه.
فإذا كانت هذه أمنية فلا بد في تحقيقها بذل الإنسان طاقاته البشرية تحت الشعور بالمسؤولية نحو عمارة الكون.
واليوم يواجه العالم بأسره أزمة لامثيل لها في التاريخ البشري ، وهي أزمة فقدان الأمن والاستقرار ، حروب مدمرة بشتى أنواعها، لم يسلم بلد دون غيره، نتيجة مفاهيم مختلفة ، تهدد الإنسانية ، بل تقضي على الإنسانية .
في السابق كانت الأمم والشعوب تواجه استعماراً فرض نفسه للسيطرة والاستيلاء على مقدراتها ، فذاقت الشعوب مرارة الاستعمار وويلاتها إلى أن تحررت تحت جو الاتحاد والثبات .
ولكن مشكلتنا اليوم مع ما هو أشد من الاستعمار ، ألا وهو الاستعمار العقائدي الذي يصل إلى إرهاب الناس وتخويفهم وتدمير ممتلكاتهم .
ظاهرة ماعاشتها الأمم، أمم في تاريخها مصاهرات ثقافية ، أنتجت ثمار المحبة والرحمة بين أصحاب الإنتماءات المختلفة.
نعم: جاء الإرهاب ليستأصل جذور المحبة، وليلقي العداوة والبغضاء بين الأب وابنه وبين القريب والبعيد .
إن مفهوم الإرهاب لابد من التوسع فيه ، فهناك من يريدون حصره في العمليات فقط دون غيرها ، والأمر ليس كذلك ، إنما لابد أن نجعل كل ما يهدد حياة الأمم والشعوب للعيش في أمن وأمان هو إرهاب ، الخطاب التشددي إرهاب، وكذلك الفتاوى المرتجلة التي لاتصدر من جهة معتمدة تدخل في إطار الإرهاب .
فسعادة البشرية اليوم في تكاتفها وتعاونها لمحاربة ما يعكر صفو مياه الإنسانية وقيمها النبيلة وهو الإرهاب .
فكما شاركت الأمم في محاربة الاستعمار وإخراجه بتاتاً ، فينبغي اليوم المشاركة الفعّالة للقضاء على الإرهاب بكل الوسائل الفكرية والعسكرية لتعيش الأمم تحت سقف الأمن والاستقرار .
إن الأمن العالمي مفقود ، وإعادته لا يقتصر لقوم دون قوم ، مسألته للجميع ، كبيرنا وصغيرنا فقيرنا وغنينا ، الكل سواء .