يعلم الشرفاء في جميع انحاء العالم أن المملكة العربية السعودية تنعم منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، بالخير والنماء، وتتمتع بالأمن والاستقرار على الصعيدين السياسي والاقتصادي. كما يعلم العالم مدى قوة التلاحم بين القيادة السياسية الفذة والشعب السعودي الأبي مما أثار لدى الأعداء مشاعر الحقد والحسد تجاه المكانة التي تتبؤها المملكة العربية السعودية على الساحة الدولية, وبالتالي قيام المغرضين والمحرضين بتجنيد كل الوسائل الممكنة لإيجاد بيئة فوضوية قد تسمح – وفقا لتصوراتهم – بإحداث اختراق في النسيج الاجتماعي للمجتمع السعودي ومن ثم مواصلة الهجوم الإعلامي للوصول الى مستوى يتيح لهم القيام بتفكيك الجبهة الداخلية من خلال اثارة الفوضى وزلزلت أركان البناء الوطني التي تشكل العمود الفقري لجذور التلاحم العميقة التي تميز طبيعة الحياة الاجتماعية في المملكة العربية السعودية.
بعد اخماد النيران التي اشعلتها قوى وكيانات معروفة في مناطق الربيع العربي، والتي كان يراد لها أن تصل الى الجزيرة العربية آنذاك لولا الوقوف بحزم القائد والتصرف بحنكة الحكماء والتعامل بوعي وإدراك العظماء لأهداف تلك الحملة التي فشلت في الوصول الى مركز العالم الإسلامي واختراق التحصينات الفولاذية المكهربة.
منذ ذلك الحين تحركت تلك الكيانات ومن يقف وراءها من بعض الدول التي تشارك الآن في الحملة الإعلامية الشرسة وحاولت الحاق الأذى ليس بسمعة المملكة العربية السعودية فحسب وانما بمحاولة زعزعة الاستقرار في هذه الدولة العملاقة التي نجحت قيادتها وحكومتها في تجنيب المنطقة مخاطر الثورات الربيعية السابقة. نعم لقد تمكنت هذه الدولة العملاقة قيادة وشعبا واقتصادا وتاريخا وجغرافيا من احباط مخططات الأعداء وتقزيم أدوار العملاء، مما أثار حفيظة الأقزام وألهب فيهم مشاعر الحسد والكراهية. ومن هنا أرادت الدول التي كانت يوما صديقة وحليفة أن تستخدم تلك الكيانات العميقة والدويلات الضعيفة والتحالفات العسكرية للمساهمة بشن حملة إعلامية واسعة النطاق ظنا بأنها ستحقق لهم ما يصبون اليه بجعل القلعة السعودية الحصينة ساحة للصراع والدمار. وبالرغم من ردود الأفعال السعودية المتزنة التي صدرت من أعلى المستويات الرسمية للدولة، الا أن هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لازالت تسعى لفرض سياسة التدخل بالشأن الداخلي للمملكة من خلال توظيف قضية اختفاء المواطن جمال خاشقجي لتبرير هذه الحملة الاعلامية التي تنطلق تحت مظلة حقوق الصحفيين لتحقيق أهدافها المتمثلة في ابتزاز وتفكيك الجبهة الداخلية المتماسكة والعصية على المتآمرين من الخوارج والروافض وأحفاد المغول والصليبيين.
ونحن كسعوديين متابعين للشأن الإقليمي والدولي ومدركين لما آلت اليه الأمور في دول الربيع العربي وغيرها لا نستغرب هذا التجييش الإعلامي ضد قلب العالم الإسلامي وقبلة المسلمين الأحرار ومهوى أفئدتهم، فقد تعرضت بلادنا عبر العقود الماضية الى حملات تشويه ممنهجة تستخدم تارة حقوق الانسان كغطاء لسهامها المسمومة، وتستخدم حرية الكلمة تارة أخرى لتبرير التدخل وكسب التعاطف وتأليب الرأي العام.
ان توجيه أصابع الاتهام للمملكة العربية السعودية في قضية خاشقجي دونما دليل ملموس انما يبرهن على سوء نوايا هذه الدول تجاه منطقة الشرق الأوسط عامة والمملكة العربية السعودية تحديدا. وليست تلك النوايا والسياسات بغريبة علينا، فقد حاولت كندا قبل ذلك بفترة قصيرة احداث شرخ في علاقات بلادنا مع المجتمع الدولي بانتقادها لسجل حقوق الانسان في المملكة ولكنها فشلت في العزف على هذا الوتر وندمت بل واعتذرت بعد سلسلة من إجراءات الحزم الصارمة التي كلفت كندا مليارات الدولارات على الصعيد الاقتصادي. ومؤخرا كان لحديث سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الأثر القوي عندما قال في معرض حديثه لوكالة بلومبيرغ أن المملكة لن تدفع شيئا مقابل أمنها، وأن المملكة لا تشتري السلاح من الولايات المتحدة مجانا. وبذلك قدّم الأمير البطل للعالم رسالة واضحة مفادها أن الرياض لا تخضع للإملاءات والاشتراطات أيا كان مصدرها.
سوف يعلم العالم قاطبة ولو بعد حين أن الرياض التي يفترض أن تكون مقرا لمنظمات حقوق الانسان وحرية التعبير بل ومقرا لهيئة الأمم المتحدة بأكملها كذلك، سيعلم المجتمع الدولي حينئذ بأنها بريئة من تلك التهم التي ترمى اليها جزافا وبهتانا عبر شبكة التهويل والتحريض القطرية ومثيلاتها.