على أثر الفاجعة التي نزلت علينا كصاعقة على أرض رطبة وهي تتهيأ لأول النبت..
لا أكثر من البكاء المكبوت والنشيج المر أملكه ويملكه كل أصدقاء الراحل الحبيب الروائي الناقد الكبير الصديق إسماعيل فهد إسماعيل الأب الروحي للرواية الكويتية الذي وافته المنية .
فاللهم ارحمه واغفرله وارزقه الفردوس الأعلى وأكرمنا بمنزلته.
الراحل الكبير هو أحد أهم الداعمين من بين 45 من رموز الثقافة والفكر والأدب في الوطن العربي لمشروعي الجديد الذي أعمل منذ شهر ونصف بصمت وهدوء على التحضير له وصياغته (رابطة كتاب وكاتبات العلا) تحت التأسيس..التي ضمت مايقارب الثلاثين من خيرة العقول المستنيرة من أبناء وبنات العلا الحبيبة.
حيث كان من الطبيعي عندما أقرر أن أتجه للأصدقاء الأدباء من الكويت الشقيقة كما هو الحال مع كل الأصدقاء في الوطن العربي أن أتجه إلى الأقرب إلى روحي وعقلي وفكري ووجداني الصديق إسماعيل فهد إسماعيل الأب الروحي للرواية والقصة في الكويت
وأيضا الصديق النبيل طالب الرفاعي الروائي الشهير والناقد الكبير ومحكم جائزة البوكر العالمية للرواية العربية مؤسس ملتقى القصة والرواية في الكويت.
وكما ذكرت مساء هذا اليوم في صفحتي على الفيسبوك في نعي الراحل إسماعيل فهد إسماعيل يرحمه الله طلب مني امهاله بضعة أيام ليدون مايليق بي على حد وصفة بينما كنت أنا على ثقة بأنه سيدون مايليق به هو كدعم وتدشين لرابطة كتاب وكاتبات العلا..لكن القدر لم يمهله في حين فرحت البارحة بعد منتصف الليل برسالة الصديق الروائي الكبير طالب الرفاعي الداعمة للرابطة كما فرحت صبيحة اليوم بكلمات المفكر الفيلسوف العراقي الكبير الصديق الدكتور رسول محمد رسول..
حتى فجعت بخبر وفاة الصديق إسماعيل يرحمه الله بعد عصر هذا اليوم.
لذلك أعزي نفسي وزملائي الأعزاء في رابطة كتاب وكاتبات العلا والفهد نجل الراحل وأسرته وأيضا أدباء وإعلامي الكويت والوطن العربي وعلى رأسم ( أبوفرح) الصديق الروائي طالب الرفاعي شقيق روح الراحل يرحمه الله وكل من أحب وقرأ وتأثر بهذا الرمز الأدبي العربي الكبير على مدار 55 عاما منذ انطلاقته الأولى في عالم القصة والرواية والنقد والكتابة المقالية والنقدية عام 1965ميلادية.
وأيضا أعزي كل من عرفه وتتبع مسيرته طيلة مشواره النضالي كقومي عربي مناضل تعرض للسجون والمعتقلات في العراق زمن الدكتاتور عبدالكريم قاسم وتأثر بنكسة 1967 والغزو الصدامي للكويت 1990 فهاجر (مصدوما) إلى الفلبين لسبعة أعوام لينتج هناك سباعيته الشهيرة رواية ( إحداثيات زمن العزلة) معتمدا على مدونات اسماعيل شموط رفيقه الفلسطيني في مبادرة التوافق الكويتي الفلسطيني إبان الغزو الغاشم على الكويت.
على الصعيد المهني لي بضعة محطات مع الراحل الكبير شابها بعض التوتر عام 2001 بعد مقالة قاسية لي عبر زاويتي ورقة توت بمجلة فواصل في صديقته المقربة الأديبة والروائية الكويتية ليلى العثمان..لكن الخلاف مع الكبار ليس كالخلاف مع الصغار.
الخلاف مع الكبار يذوب سريعا شفيفا كأرواحهم..وقد ذابت الجفوة ورحل الخلاف إلى غير رجعة قبل سبعة أعوام عندما أكرمني بمتابعته لي في تويتر..ووجدته يكتب لي كلمات أبوية حانية ختمها برغم سلاطة لسانك لكنني أحبك وأنتظرك ساردا جميلا في مشروع روائي أو قصصي كما أنت سارد جميل في المقالة الصحفية.
وتوطدت الصداقة والمحبة والألفة مع الروائي الكبير إسماعيل فهد إسماعيل يرحمه الله قبل 3 أعوام في الفيسبوك ربما لأن الفيسبوك وسيلة تواصل أكثر حميمية من نظيراتها..
وربما لأن بيننا إرث متنوع من وسائل المتابعة والتواصل بالنسبة لي تتجاوز سنواته الـ 42 عاما كقارئ شغوف بكل نتاجاته منذ العام 1978 ميلادية عبر مؤلفاته الروائية والقصصية ومايصلنا عبر مجلة النهضة القديمة ومجلة العربي ومجلة البيان وغيرها من وسائل الإعلام الكويتية والعربية.
الراحل إسماعيل فهد إسماعيل يرحمه الله حاصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية.
كانت بدايته عام 1965 ميلادية كما ذكرت
وقد لعبت (السارماجوية) نسبة لجوزيه ساراماجو دورها التكويني في تشكل فكر إسماعيل فهد إسماعيل وذائقته السردية فاستطاع بهذه الثنائية ضبط مسار كل مابعدها من مؤثرات كانت مناط التقاطع بمشواره كما هو الحال مع بقية جيله المؤدلج منذ الستينات مثل تقاطعه مع وجودية سارتر مرورا بكل الجدليين وصولا إلى جارودي.لكنه تجاوزها بسرعة رشيقة إلى التفتيش عن منافذ أخرى وضعها في خانة السمو والقيم الإنسانية الإيجابية الداعية لقبول الآخر ولاتنفيه.
فكان إسماعيل فهد إسماعيل كروائي جدلي ديالكتيكيته واضحة المعالم متعددة المشارب مشبعة وغير متعالية حتى على المعطيات الشعبية في الفنون والآداب والثقافات..معطيات قادرة على التنقل برشاقة وعمق مابين الأطر الحداثية في الأدب إلى الإنسانية الكونية بمفهومها الشمولي..ولا أدل من تناوله ل( إبن لعبون ) من خلال روايته( الظهور الثاني لإبن لعبون).
إسماعيل فهد إسماعيل الملتزم بالإنسان..الملتزم بالسلام كما يتوق دائما ويعبر عن هذا التوق صراحة من خلال حواراته ومن خلال طرائقه الكتابية في كل فنون الكتابة التي سلكها في نتاجات أظنها تجاوزت الأربعين مؤلفا بينها ماقبل مرحلة تفرغه للكتابة عام 1985م.ومابعدها.
من أبرز مؤلفاته يرحمه الله
مجموعته القصصية الأولى ( البقعة الداكنة) عام 1965م.
ورواية (كانت السماء زرقاء) عام 1970م.
وهي التي قدم لها الشاعر المصري الراحل صلاح عبدالصبور بقوله:(الرواية مفاجأة كبيرة لي فهذه الرواية جديدة كما أتصور.رواية القرن العشرين القادمة من أقصى الشرق العربي حيث لاتقاليد لفن الرواية،وحيث مازالت الحياة تحتفظ للشعر بأكبر مكان...إلخ).
أيضا للراحل يرحمه الله رواية(المستنقعات الضوئية)عام 1971م.
ورواية (الحبل) عام 1972م.
ورواية( الضفاف الأخرى) عام1973م.
ومجموعة قصصية بعنوان (الأقفاص واللغة المشتركة) عام 1974م.
ورواية (ملف الحادثة 67) عام 1975.
ورواية مسك..وكتاب مبدعون مغايرون..ورواية الشياح..وسماء نائية.
ورواية (في حضرة العنقاء والخل الوفي) الرواية التي كانت حاضنة لواحدة من أوجع القضايا الإنسانية الاجتماعية_فقدان الهوية_في الكويت والمنطقة.
وأيضا رواية بعيدا إلى هنا،ورواية الكائن الظل.ورواية طيور التاجي.ورواية عندما رأسك في طريق واسمك في طريق.
وغير ذلك الكثير المتنوع من الأعمال الأدبية للراحل الروائي الصديق إسماعيل فهد إسماعيل التي يطول استعراضها وهي التي من عناوين العديد منها يتجلى المسلك الديالكتيكي في المعالجة السردية لبعض رواياته وقصصه القصيرة.
فاللهم ارحم إسماعيل فهد إسماعيل
الأديب والمفكر والروائي والناقد والصديق العزيز والأخ الحبيب الكبير الذي رحل عنا اليوم والموت يطوي صفحته الـ 78 من عمره العريض بالعطاء والحب والحياة الحافلة التي سنذكرها دائما وأبدا بكل الفخر..
وسيجيء بمشيئة الله بعدنا من الأجيال من سيذكرها أكثر منا وسيرصدها بأدوات أفضل منا.
فهكذا حال رصد الرموز كلما تقادم الزمن أصبحت موازين تثمينها أعمق رؤية وأدق تقييما.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
التعليقات 1
1 pings
زائر
05/11/2018 في 12:57 ص[3] رابط التعليق
رحمه الله رحمة واسعة.
إرثه الثقافي الذي خلّف، يشفع له عند الأجيال القادمة، بأن ينسجوا له دعوات متى طالعوا مؤلّفاته…
(0)
(0)