بعد التشكيلة الجديدة للحكومة القمرية تباينت الأراء بين المهتمين بالموضوع.
الكل يبدي رأيه مابين من ينظر إلى أنها حكومة جاءت نتيجة الاستفتاء الذي جرى في الشهر الماضي لتعديل بعض بنود الدستور، وهناك من يرى أنها جاءت لإخفاء بعض الوجوه التي كانت في بداية المعركة السياسية للحزب الحاكم اليوم.
كل التحليلات ممكنة وواردة ، وذلك أن الواقع يفرض علينا ذلك.
لقد استُبدل نائب الرئيس الوزير جعفر أحمد سيد ( من إسنراي مجين) بالقاضي محمد حسين جمل الليل ، الذي كان مؤيداً ومناصر المويني بركة ومحمد علي صالح في الإنتخابات الرئاسية السابقة ٢٠١٦م ( من إسنراي مجين) وهما قاضيان في المحكمة القمرية.
فالمتأمل يجد نفسه أنه لابد من القول من أن هذا الأمر يعود إلى أن جعفر قال كلمته بعدم الموافقة على تغيير الدستور فتم تغييبه عن المشهد بظهور مثله نسباً ومولداً ووظيفة.
أما الأخ العزيز الدكتور حامد كرهيلا قبل أن يكون سياسياً فهو طالب علم ، يفتخر بثقافته العربية الإسلامية التي قطع شوطاً كبيراً في حياته التعليمية للحصول عليها. ولقد قضى الدكتور كرهيلا فترة من حياته في فرنسا طالبا بعد تخرجه من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وأثناء وجوده في فرنسا في أواخر الثمانينيّات كان عضواً من أعضاء المكتب السياسي للحزب الوطني لأجل الديمقراطية بزعامة الرئيس الراحل لجزر القمر المرحوم محمد تقي عبد الكريم ، وكان من النشطاء البارزين داخل الحزب بخطبه وقلمه كل ذلك مما هيأه للنضج السياسي من مستشار خاص للشؤون العربية للرئيس المرحوم محمد تقي عبد الكريم إلى سفير لجزر القمر لدى دول الخليج العربي.
أما الشخصية التي يتمتع بها الدكتور حامد كرهيلا شخصية الصبر والثبات عند البلايا والشدائد والمحن، فلقد تقلد منصب الأمانة العامة لاتحاد شباب الإسلام في جزرالقمر ، ولقي مالقي من الأذى لأسباب تافهة دبرها من لهم العقول الضيقة والمفاهيم القيمة.
فلما كان يؤمن برسالة الوحدة والتضامن صبر حفاظاً على مستقبل الشباب المتخرجين من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من الانشقاق والإنصداع.
وإذا كانت هذه سيرة حياته طالباً ، فماباله في الميدان العملي!
إنه وجد منافسين طامعين بأن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فلم يلتفت إليهم قط، بل ظل صابراً مؤيداً واجبه بصدق ووفاء.
فإذا كانت التشكيلة الجديدة للحكومة لم يظهر فيها اسم الأخ الدكتور حامد كرهيلا ، لا يمنع من كونه أكاديمياً مؤرخاً ناشطاً سياسياً وغير ذلك ، فحياته مليئة بالإنجازات والمشاريع التي ظهرت في عالم الوجود ، وأبرزها السلطة الموجودة اليوم هي العمود الفقري لتقلده منصب الأمانة العامة للحزب الحاكم فترة المعارضة إلى الوصول إلى الحكم ، وصموده المستمر أمام الأمواج العاتية التي ضربت الحزب ، وانشق انشقاقاً ،تحمل الأمانة بصدق وإخلاص حسياً ومعنوياً بعد ماغاب الذين يرفعون العضلات اليوم إلى مواقع أخرى للاسترزاق واليأس من الوصول إلى الحكم.
وعند ما نعود إلى تغييبه في التشكيلة الجديدة لا يستطيع الإنسان القول بشيء إلا تكهنات ، لأنه ليس من خلقه الثرثرة وقول الفحش كمااعتاد بعض الساسة القمريين في كثير من الأحيان إنما هو مادام يحمل رسالة حب لدينه ووطنه يترك الأمور لله ، والتاريخ يعيد نفسه.
واختيار محمد الشاطر بن السيد احمد بدوي جمل الليل وزيراً للحكومة الجديدة ، من مواليد مدينة ( مبيني ) لنقله من منصب مدير شركة المحروقات الوطنية أكبر منصب سيادي لدى الدولة منذ عهود الرؤساء السابقين، إلى منصب وزير المواصلات ، وليكون خلفا للدكتور حامد كرهيلا وزير الدولة المكلف بالعلاقات مع العالم العربي ، والذي سعى منذ أن كان سفيرا لجزرالقمر لدى دول الخليج تعزيز وتوطيد العلاقات بين تلك الدول وشقيقتها جزرالقمر ، ولاسيما السلطة الحالية ،أليس هناك أمر آخر من الممكن مستقبلاً إبعاده من أن يكون من المقربين ومن صناع القرار؟
كل ذلك جعل بعض المحللين الذين يستبقون الأحداث يقولون : إنما تم اختيار الأخير ليكون من يمهد الطريق للسلطة أمام همهامي منطقة شعبية محمد علي صالح زعيم المعارضة ، وذلك على ما يبدو لوضع نهاية صفحة د. كرهيلا السياسية لما يقال إنه تصالح مع محمد علي صالح.
على كل ننتظر في المستقبل مايزيل الستار ، ويجعلنا نعيش حقائق ، لاخيالات وأوهام.
بقلم : نورالدين محمد طويل
باح قمري