في هذا العصر ومع تعدد وسائل التواصل الاجتماعي ، عبث سوء الظن في كثير من العلاقات الاجتماعية ، بعثرها ، عاث فيها فساداً ، خاصة بين الأقرباء والأصدقاء ومن تربطهم علاقة مستديمة أو حتى عابرة ، دون الاستناد إلى أي دليل ملموس يتوكّأ عليه مسيء الظن ، وإنما هو نتاج ضلالات فكرية و هواجس شيطانية أن جاز التعبير !
فكم من علاقة حميمة أسرف بها هذا المرض الأخلاقي ، والمسمى (سوء الظن )، وكم من حبل وداً بتره هذا النزيل المشئوم و الذي ربما يحل فجأة في كنف ملتصقين وداً فيهتك أستار ذاك الود وينزع لباسه ، ليبدى لهما سوأت بينهما لا وجود لها وإنما اعترت عقل أحدهما أو كليهما بعض من تلك الضلالات ، فطبعت عليه طابعاً مظلم غطى نور البصيرة ، وتركزت حدت البصر.
ويكفي عن كثيراً القول والخوض فيه ومدى شؤمه، أصدق الحديث كتاب الله حيث يقول تعالى :-
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾
واختصارا ، أنقل لكم هذه القصة المعبرة والتي تحكي شيئاً من الواقع ، حيث يروي صاحبها قصته بقوله :-
لم اعثر على فأسي ، فاشتبهت بأن ابن جاري قد سرقه مني ، فشرعت بمراقبته ، فكانت مشيته مشية نموذجية لسارق فأس ، وكان الكلام الذي ينطق به ، مثل كلام سارق فأس ، وتصرفاته تفضحه وكأنه السارق بلا شك !
فبتُ ليلتي ساهراً حزيناً أضناني التفكير مما جرى لي مع ابن جاري.
وبصورة غير متوقعة وبينما كنت اقلب التراب عثرت على الفأس مدفوناً بين طياته .
وعندما نظرت إلى ابن جاري في اليوم التالي من جديد ، لم يظهر لي شئ ، لا في مشيته ولا في هيأته ولا في شئ من سلوكه يوحي بأنه سارق!
ليلة أمس كنت أنا أكبر سارق ، فعندما اتهمت ابن جاري ظُلماً ، سرقت أمانته وانتهكت براءته.
وعندما بتُ في حزن و أرق ، سرقت يوماً من حياتي.
في أوقات كثيرة تحكمنا مشاعرنا وشكوكنا وسوء ظنوننا فنخطئ الحكم ونسئ لمن حولنا ، وفي الغالب وبعد فوات الأوان نكتشف أن ذلك الشخص أبعد مما رسمه سوء الظن بدواخلنا .
سوء الظن قد يجعلك تتخيل مالا يوجد ، وحسن الظن قد يجعلك تتجاهل ماهو مؤكد .
لذا لا تتمادى في سوء الظن فتخسر من تحب ، وتفوز برضى الشيطان وغضب الرب.
أحسنوا الظن ، ابتسموا رغم كل مايقابلكم ، لا تتوجسوا ضراً ولا تتجسسوا وهماً ..
يقول احد الأدباء : في أوقات الحرب أبحث عن السلام ، وفي أوقات الكراهية ، أبحث عن المحبة ، فالكراهية جرثومة أول ماتصيب قلبك !!
دمتم بود ..
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائر
21/06/2018 في 4:40 ص[3] رابط التعليق
لفته مباركه منك للتنبيه من مخاطر سوء الظن وماينتج عنه في الحياه الإجتماعيه ،
ويكفي منك أن شرت إلى الآيه الكريمه اللتي تنهىٰ عن هذا الخُلُق ،
ومن ثم تحليلك لهذا الموضوع وإظهار سلبياته السيئه على المجتمع هادف جداً ،
وكأن لسان حالك يقول لا صحّة للمثل المتداول بين الناس ( سوء الضن من حُسن الفطن ) إلاّ في نطاق ضيّق جداً ،
وأنا أيضاً معك لاأتوافق مع هذا المثل إطلاقاً إلاّ من أضيق أبوابه ، الأعداء والأعداء فقط
بارك الله فيك وفي تنبيهاتك الهادفه يابن جهز .
(0)
(0)
عيسى رجعان العوفي
21/06/2018 في 5:04 ص[3] رابط التعليق
سوء الضن
والشيطان غير بنظره حتى مشيته لاحول ولا وة الا بالله
فعلا معبره
الله يعافيك
(0)
(0)
زائر
21/06/2018 في 5:38 ص[3] رابط التعليق
مقال طيب. ويندرج تحت.احسن الظن بما حولك.
وأكثر الناس يعملون.به. الا شواذ
(0)
(0)
زائرحمدان الحربي
21/06/2018 في 5:45 ص[3] رابط التعليق
أحسنت ياأبا أحمد فقد صدقت قولا ووفقت طرحا لموضوع أقرب مايطلق عليه داء العصر
فسوء الظن هوالتخمين السائد بكلمة دارجة على ألسن من لم يوفق للإلتزام بتربية الإسلام حتى أصبح ذالك الشخص يتجرأ على مااختص الله به ننفسه من علم الغيب نعم فتجده يتبجح بفهمه لها وهي طائرة نعم نسمع هذه هذه الكلمة تمر الألسن ممن لايدرك خطورة قوله إماجهلا أوتفاخراعند من يشجعه
سوء الظن أيها الإخوة جريمة من الجرائم الدينية سببها جهل الشخص بدينه وفقك الله يابو أحمد وهدا الله من يفهمها وهي طائرة ينتظرها حتى تهبط فقد يغير رأيه كصاحب الفأس بإبن جاره
(0)
(0)
زائر
21/06/2018 في 11:07 ص[3] رابط التعليق
بارك الله فيك
(0)
(0)
زائر
21/06/2018 في 6:26 م[3] رابط التعليق
اشكر مرور الجميع منا هنا واقدر متابعتهم لما يسطره قلمي ..
كل التحيات وعظيم الامنيات ..
(0)
(0)