مثلما تغمرنا الفرحة اليوم بحلول عيد الفطر السعيد، ونبتهل شكراً لله سبحانه وتعالى المنعم الوهَّاب، الذي جعلنا من أهل رمضان، وأعاننا على الصيام والقيام، ووفقنا لتلاوة القرآن، آملين أن يجعلنا ممن صام وقام إيماناً واحتساباً، فيغفر لنا برحمته التي وسعت كل شيء وعلمه الذي أحاط بكل شيء، ما تقدَّم من ذنبنا وما تأخر.. أقول: مثلما يغمرنا الفرح اليوم بهذه النعمة العظيمة، تفيض نفسنا فرحاً أيضاً بحلول الذكرى الأولى لتولي أخي العزيز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه، وسدَّد على طريق الخير خطاه، ولاية العهد، التي تزامنت مع هذا العيد السعيد.
والحقيقة، ليس مبعث هذا عاطفة فحسب، وإن كنَّا نحن السعوديين كلنا لا نقوى على مداراة عاطفتنا الجيَّاشة تجاه ولي عهدنا الأمين، بل هو قول يصدقه الفعل في الميدان. فمن يراجع سجل الرجل الحافل، وإنجازاته لوطنه، ودفعه جهود النهوض بأمته كلها، وليس بلاده فحسب قدماً إلى الأمام، وسعيه الحثيث لضمان أمن المنطقة واستقرها وسلام العالم؛ لا أقول منذ اضطلاعه بالمسؤوليات في يومه الأول، بل خلال هذا العام الأول فقط من ولايته للعهد، من يراجع ذلك السجل الحافل بعين المنصف المحايد، لا بد له أن يُصَاب بالدهشة والذهول من هذا الكم الهائل من الإنجازات الاستثنائية، كمَّاً ونوعاً، فلا يملك ساعتئذٍ إلاَّ الاحترام والتقدير والشعور بالعرفان والامتنان لهذا الرجل الكبير الذي قيَّضه الله لنا في هذه الظروف العصيبة من تاريخ المنطقة والعالم؛ فأعاد هيكلة الدولة في جميع المجالات بتوجيه من قائدنا الكبير الهمام، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه وسدَّد على طريق الخير خطاه، سعياً لتحقيق رؤية بلادنا الطموحة التي أوجزها مهندسها ولي عهدنا الأمين في مقولته الشهيرة: (نلتزم أمامكم أن نكون من أفضل دول العالم في الأداء الحكومي الفعَّال لخدمة المواطنين، ومعاً سنكمل بناء بلادنا لتكون كما نتمناها جميعاً: مزدهرة قوية، تقوم على سواعد أبنائها وبناتها، وتستفيد من مقدراتها، من دون أن ترتهن إلى قيمة سلعة أو حراك أسواق خارجية).
أما في ما يتعلق بأمن المنطقة واستقرارها الذي تشكل إيران أسوأ عقبة أمام تحقيقه، فقد أكد أخي الأمير محمد بن سلمان تصميم دول المنطقة وعزمها على تحقيقه رغم أنف إيران ومخططاتها التخريبية، عندما أرعبها حديثه المباشر الذي لا التواء فيه ولا غموض، مؤكداً بذل قصارى جهد قيادتنا مع المجتمع الدولي للجم هذا الشَّر المستطير الذي تتأبطه إيران منذ أربعة عقود، وضاقت عليها الأرض بما رحبت عندما رأت خطواته الجَّادة ومساهمته الفعَّالة في اتفاق العالم ووقوفه صفَّاً واحداً ضد طموحاتها الشِّريرة تلك، التي لن يكون تمزيق اتفاقها النووي مع القوى العظمى في العالم، وتحجيم قدراتها التخريبية آخرها. هذا فضلاً عن كبت كل الأصوات النشاز التي نجحت إيران في توظيفها لخدمة أجندتها الظلامية، فهرعت تبحث عن حماية لدى الأحلاف العسكرية الدولية من شدَّة رعبها، ناسية أو متناسية ألاَّ حل لما صنعته لنفسها بيديها من مشاكل، إلاَّ في رياض عبد العزيز.. عرين الأسود.
وعلى كل حال، لا غرو إن فعل ولي عهدنا الأمين هذا كله، بل ننتظر منه المزيد لما عرفناه عنه، فهو خريج مدرسة قائدنا الشامل مليكنا المفدى سلمان الذي أعدَّه لمثل هذا اليوم، فأخذ عنه العلم والحكمة والحنكة، والشجاعة والذكاء، والحزم والعزم والقدرة على الحسم، والثبات في الملمات، والنزاهة في اليد واللسان، والفكر المتقدِّم المستنير، والطموح الذي لا تحده حدود، والثقة في نصر الله وعونه لتمكين هذه البلاد الطيبة المباركة إلى الأبد من خدمة رسالتها السامية العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين، ورعاية ضيوف الرحمن، ونثر الخير في كل مكان في العالم. فكان ولي عهدنا الأمين هدية والدنا سلمان، كما أكد الأخ الشاعر الدكتور عبد الله بن ثاني في قصيدته التي هنأ فيها ولي العهد بالذكرى الأولى للبيعة، إذ يقول مخاطباً ولي العهد:
هدية سلمان المليك لشعبه
وأنت المدى فينا وأنت مراجله
وصحيح، إن الذي أنجزه لنا أخي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وحقَّقه بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بتوجيه قائد مسيرتنا، وهمَّة ولي عهدنا محلياً وإقليمياً وعالمياً خلال عام واحد فقط يفوق الوصف، ولا نملك إلا أن نرفع أكف الضراعة شكراً لله الذي جعله فينا. ومع هذا، يبقى لنا شعلة الأمل التي تنير لنا الطريق لنحقق معاً تلك المكانة السامية المرموقة التي تليق ببلادنا.. أرض الرسالات والمروءات والخيرات المتدفقة، التي تستحق منَّا كل خير وتضحية وفداء، ومهما كان الثمن الذي ندفعه من أجل أمنها واستقرارها وعزتها واستمرار قافلة خيرها القاصدة في خدمة رسالتها، يظل نزراً يسيراً في كثير حقِّها علينا.
ولا أجد هنا أبلغ مما اختتم به الأخ الشاعر سعد الحميدين قصيدته مهنئاً ولى العهد بذكرى البيعة، لأختتم به هذه العجالة السريعة، إذ يقول:
يا ولي العهد يا رمز الأمل
دمت للدار وللشعب (عَلَم)
فسر بنا يا أبا سلمان.. والعهد أن نكون كلنا عون وصدق وإخلاص وإيمان في خدمة رسالة بلادنا حتى نحقق جميعاً ما يتمناه لنا قائدنا سلمان، وتطمح له همتكم العالية.