عندما نرقٌدْ على السرير الأبيض ونرمي بأجسادنا المٌنهكة من شدة الوجع ومرارة الألم والتعب ، لاحول لنا ولا قوة إلا بالله ، نبحث عن شعاع الأمل بين جنبات المكان ، وفي أروقة الممرات ، وفي وجوه المارة والعابرين ، نبحث عنه بين السطور ، وبين قراءات الأطباء والممرضين ، بين ضحكاتهم ، وهمساتهم ، ونتمنى أن يتناقلون شيئاً مفرحاً يعنينا ، فلحظات الشدة والألم نعيشها بين الرجاء والخوف ، وبين الأمل واليأس ، فهي تحصر لك الدنيا أمام عينيك لتٌريك كم هي صغيرة لاتساوي جناح بعوضة أمام لحظة ألم تعيش قسوتها بكل جوارحك ، بكل أحاسيسك، وبكل خلايا جسدك ، فتقف أمامها عاجزاً صامتاً ، إلامن آهات الألم والأنين ، لاتقوى أمامها على شي ، إلا أن تستسلم لماكتبه الله لك من أقدار ، فهي تعيد فرمتة جسدك ، وتشكيل حياتك بما هو أفضل إن أردت ذلك وأيقنت أن الجميع متساوون في الحياة ، فلا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لغني على فقير ، إلا بالتقوى ، وأكبر دليل على ذلك مساواتنا ونحن على السرير الأبيض وقد رمينا كل شي خلفنا ، ولم يبقى معنا سوى أجسادنا والألم نتساوى فيها ، ومساواتنا بعد موتنا تحت التراب بأجسادنا ، فقط هي أعمالنا مايبقى معنا وينفعنا.
تلك اللحظات ، كفيله بتغيير حياة الانسان وماجٌبلت عليه نفسه من الغرور والعظمة والتكبر فهي تٌعطي درساً عظيماً لمن ابتلي بذلك بأن القوة لله.
وأن الشافي هو الله فلا تكبر ، ولا طغيان ، ولا ظلم ، ولا بهتان ،وأن الدنيا كما تدين تدان وأن الجزاء من جنس العمل ، فمن كان علمه وعمله صالحاً بات مطمئناً مهما أصابه من أقدار الحياة ، وليعلم أن الله قد ابتلاه لمحبته له وتنقية له من الذنوب ، ومن كان غير ذلك ، فتلك اللحظة العصيبة تعطيه درساً بأنه عبداً ضعيفاً تحت رحمة الله ولا أحد يستطيع أن يشرح له ذلك سوى لحظة الألم التي يشعر بها ويعيش تحت وطأتها فهي كفيلة بذلك.
وقد يكون ما هو أشد إيلاماً هو حينما نشعر بألم من بجوارنا على سرير المرض فعندها تتلاشى كل أوجاعنا وآلامنا من شدة ماهو فيه من وجع ، فعندما يصرخ من قسوة الألم ويئن فهذه اللحظة كفيلة بأن تنسيك آلامك ومتاعبك و ما أنت فيه من حال ، فتبحث عن مخرج عن وميض أمل لمغادرة المكان بعد ما اكتشفت في تلك اللحظة أن هناك من يفوق ألمه حد الخيال وأن آلامك ليست إلا نقطة في بحر آلامه ، فهناك تفاوت
في درجات الوجع والصبر كما أن هناك تفاوت في درجات الأجر والثواب وسيجزي الله الصابرين بصبرهم.
بقلم : مريم نويفع الميموني