طفت على السطح ظاهرة لا يستسيغها ذو عقل سليم ولا يتقبلها ذو لب حكيم ،وإنما تم عرفنتها وتسميتها بغير اسمها ووجدت من المنتفعين من يروج لها ليجني جزء من ثمارها في الباطن وعلى حساب غيرة من المغلوبين على أمرهم بأسم الفزعة والنخوة وغيرها من الحلل التي اضفيت عليها لتجملها بل لتشرعنا وتفرضها !
ألا وهي المتاجرة بالدماء والتفاخر بأعتاق الرقاب مقابل الملايين التي تتجاوز حدود الخيال والتي تجتبئ من افراد الجماعات ، ممايوحي للقاتل قبل غيره انه الشجاع الهمام الذي فعل مالايفعله جهابذة الغابرين ، وأنه ذو قيمة لا توزن بالموازين ، وقد يكون هذا القاتل شريراً في الأصل والفطرة لا يساوي حفنة من الريالات المهترئة!!
ثم ينبري بعد ذلك من قبض الثمن الفاحش والمنتزع قصراً وربما المغصوب ، متعالياً أمام الجموع بأنفة مقلوبة رأساً على عقب ، ليعلن على الملاء انه تنازل لوجه الله ، ويجد من يحرق كفوفه تصفيقاً له وتمجيداً على المنابر الاعلامية بشتى انواع الدعاية المظللة!
أي تنازل هذا ياهذا لوجه الله تدعية ؟ وأي حياة ستعيشها مرفهاً منعم بمال اكتسبته مقابل قيمة دم مسفوك حرمه الله إلا بحقه ؟ وهل سيرضى المقتول بكنوز الدنيا ثمناً لروحه؟
الله سبحانه وتعالى خلق البشر وهو أعلم بطوية النفس البشرية وارحم بها ممن يغتصبون مشاعر الناس بالنياحة والتباكي على كل منبر وفي كل محفل مطالبين بجمع الملايين الطاغية لعتق رقبة فلان الفلاني!
فقد قال جل في علاه (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
الحياة بالقصاص وقطع دابر القاتل بقتله فهذه هي الرحمة التي يعلم مدلولها ارحم الراحمين .
شريعة الله وكتابه الكريم حددت ثلاث مسارات في القتل لا ثالث لهما وهي ( القصاص من القاتل - الدية المحددة بحدود الشرع - العفو لوجه الله دون أي مقابل دنيوي) وليس في الشريعة التي سنها الله لخلقه خياراً آخر ليخرج من يتبكى ويتظاهر بالرحمة على القاتل ، والله سبحانه يقول في تنفيذ الحدود:-
(وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ)
عندما تم سن الخيار الرابع وهو تعطليل العمل بهذه الايات الكريمة ، تفشى القتل عند اتفه الاسباب وقد يكون القاتل والمقتول صديقين اختلافا على تافه من توافه الدنيا فأخذت أحدهما العزة بالاثم وتجرد من فطرته الأنسانية السوية وتحول في جزء من الثانية لفطرة الوحوش الكاسرة .
من قتل دون ( ماله ودمه ودينه وأهله ) فلا شك ان السعي في عتق رقبته شرف مروم وأجراً عن الله مذخور .
وفي المقابل من أراد العفو فل يجعل عفوه لله دون مقابل من زائيلات الدنيا والذي سيعوضه ثمناً لا تعوضه له الدنيا بقضها وقضيضها .
فقد قال تَعَالَى: ( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ )
انها عقبة كؤد لن يجتازها إلا من فضل عطاء الخالق الودود على عطاء المخلوق اللدود .
وعنْ أَبي هُريرةَ قَالَ: قَالَ لي رَسولُ اللَّه ﷺ: منْ أَعْتَقَ رقَبةً مُسْلِمةً أَعْتَقَ اللَّه بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفرجهِ. متفقٌ عليهِ ..
ختاماً نسأل العافية والمعافاة ان نصيب دماً مسلم أو نصاب به ..
دمتم بود ..
التعليقات 11
11 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائر
04/06/2018 في 3:39 ص[3] رابط التعليق
السلام عليكم
لله در الكاتب . فعلاً كلامه هو عين الصواب وكأنه يتكلم على لسان كثير من الناس . ارجو من الكاتب تكثيف مثل هذه المقالات النافعه . فجزاء الله الكاتب كل خير
(0)
(0)
محمد بن جهز العوفي..
04/06/2018 في 5:44 ص[3] رابط التعليق
اسعدني مرورك اخي الكريم ورفيع قولك ..
الموضوع جد خطير وقد تجاوز حدود الصمت ويجيب الوقوف صده بكل حزم من الجميع ..
(0)
(0)
زائر
04/06/2018 في 4:53 ص[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)
زائر
04/06/2018 في 4:54 ص[3] رابط التعليق
??
(0)
(0)
زائر ابو محمد عشير النشاما
04/06/2018 في 3:25 م[3] رابط التعليق
ﻻفض فوك لقد اجدت وافدت وكﻻم يصلح لكل زمان ومكان وكل قبيله واسره والعضه واﻻهتبار واجب على كل عاقل ويجب وﻻة اﻻمر الظرب بيد من حديد على المتاجرين وايجاد الحلول المناسبه لهذي المعضله
(0)
(0)
زائر
04/06/2018 في 6:33 ص[3] رابط التعليق
نمع نعم كلام منطقي
(0)
(0)
زائر
04/06/2018 في 8:27 ص[3] رابط التعليق
لله درك ياأبو أحمد ولسلمت يمينك ؛
مقال يحكي واقع مؤلم نعيشه -بكل أسف- فمن كان يطمع بالمال فسيرضى بأقل مما يطمح ؛ ولو وضع لكل علة قتل سقف محدد لايتجاوزه أهل الدم لكان أتقى وأبقى..
(0)
(0)
زائر
04/06/2018 في 12:03 م[3] رابط التعليق
صحت اناملك المبدعه ابا احمد .
وكثر الله امثالك . وجزاك خيرا .
(0)
(0)
زائر
04/06/2018 في 8:15 م[3] رابط التعليق
الله المستعان تجاره بحته ولا حظنا بعض المقاطع الاخيره تطورة الطلبات الى امور دنياويه اخرى
(0)
(0)
زائر
05/06/2018 في 12:25 ص[3] رابط التعليق
قرائي الأعزاء اشكر مروركم واطمح ان أكون موفقاً دائماً وابداً لما يرتقي لحدود رضاكم ..
(0)
(0)
زائر
06/06/2018 في 3:56 ص[3] رابط التعليق
صحيح أصبح أعناق الرقاب مقابل مبالغ
طائله
لاكن هذا حق خاص بأولياء الدم
(1)
(0)