في كل أزمة أو حرب يحتاج فيها المتخاصمين إلى الدعاية والإعلام ،لتنوير الأذهان أو لتضليل من يُراد تضليلهم ،ولكي تكون الدعاية فعالة وناجحة يجب أن لا تكون مشوهة الشكل والموضوع بحيث يدرك القائمين عليها أنها "وسيلة" ينشد منها إبراز أنبل الأهداف التي حملت طرفهم على فعل ما يفعله بطرف الآخر ،ناهيك عن إظهار مساوئ الخصم بطريقة سلسة بسيطة غير معقدة .
لأن الدعاية موجهة إلى العامة والغالبية من العامة ليسوا دبلوماسيين أو أساتذة إنما هم أناس بسيطين الفهم مترددين أبرز عيوبهم الشك ولتفادي وقوع الشك في قلوب الأنصار ينبغي أن يتجنب القائمين على الدعاية الإعتراف بحق للخصم أو شبه حق أو إظهار حقيقة قد يستغلها المعسكر الآخر لصالحه ،لهذا لابد من إسناد مهمة الدعاية لرجال أذكياء يعلمون نفسية الجماهير لا رجال يؤمنون بعدالة الطرح أو الإنصاف بهكذا حالة ، لأن الكاتب الذي يؤمن بعدالة الطرح في مثل هذه الحالات إما أنه جاهل لا يدرك تبيعات ما يقوله أو خائن تستّر خلف ثياب العدالة ضد وطنه وفي كلتا الحالتين يجب إسكاته ،لأن فعله يشق الصف ويثير الإرتباك في النفوس داخل المعسكر الواحد ،مما يجعل المعسكر الآخر يستفيد من هذه الإعترافات لصالحة ونجاح الدعاية يكون مرهون على منطقيتها وإقتصارها على مواضيع معينة يتم تكرارها ،ومن أهم شروط نجاح الحملة الدعائية هو أن لا تعتمد التضليل وقلب الحقائق تكتيكاً لها ، لأن التضليل وقلب الحقائق سرعان ما تكون نتائجه عكسية في حال انكشف هذا التضليل او تلك الحقيقة المزيفة ،يقول هتلر عن إعتماد التضليل وقلب الحقائق تكتيكاً للدعاية وأثره السلبي :
لقد أجهدت الصحف النمساوية والألمانية نفسها في التهكم على العدو وإظهاره للقراء بمظهر الجبان ،ولكن أثار هذه الدعاية الهزيلة قد تبخرت في ميادين القتال ،لأن قراء الصحف المظللة قد اكتشفو في العدو جنوداً شجعان وبديهي أن يترتب على هذا الأكتشاف "الشك" بصدق الدعاة مما يتسبب في إضعاف المعنويات وإثارة النقمة في أنفس القراء على من خدعهم
وأردف هتلر : بينما كانت الدعاية الإنجليزية والأمريكية أكثر منطقية وبراعة ،فقد كانت تُدخل في أنفس الشعب أن الألمان برابرة كقبائل "الهون"، لتعد جنوداً ثابتين متأهبين نفسياً وجسدياً وذهنياً ،فلما ذهب هذا الجندي إلى ساحة القتال وجد في الألمان مقاتلين أشداء وفي سلاحهم أداة فتاكه، أيقن حينها أن دعاية حكومته لم تخدعه وأقتنع بأن الألمان برابرة ،لا يقلون همجية عن قبائل "الهون" .
في الختام الدعاية والإعلام هما من أهم أسباب النصر ،ومن يجعل منها ذات أهمية ثانوية سوف يخسر معاركه على جميع الأصعده، فلا بلاد قوية بدون إعلام ودعاية قوية
والدليل هو أن جميع البلدان التي تصنف من الدول القوية اليوم لم نرى قوتها إلا في الدعاية والإعلام ورغم ذلك نصدق وكلنا ثقه أنها قوية فعلاً وكأنها حقيقة .