لفت الطفل محمد سعد الغامدي الأنظار اليه بعد نجاحه في تحقيق نجاحات كبيرة في حياته بعد أن كان قد إنضم إلى جمعية الأطفال المعوقين بالباحة في عام 2014م، وكان عمره في ذلك الوقت خمس سنوات وستة أشهر، وتم قبوله كمنتظم في العيادات الخارجية، وتم تشخيص حالته بشلل دماغي تشنجي، مع صلابة شديده في كلا الساقين واحد الذراعين، حيث لم يكن يستطع استخدام يده على الإطلاق، وكان لديه ضعف في التوازن اثناء الجلوس، ولم يكن قادراً على الوقوف او المشي حتى مع وجود الدعم الكامل، وظل محمد مجبراً على استخدام كرسي متحرك للتنقل من مكان إلى آخر بمساعده الاخرين، ويعتمد كليا عليهم للإنتقال من الكرسي المتحرك او الجلوس عليه.
وكانت المهام الروتينية اليومية مثل الأكل والشرب ونزع ملابسه الحاجز الطبي والنفسي الأصعب لابن الخمسة سنوات، الى جانب انه كان يعاني ايضاً من تأخر في النطق، وكان يصعب علية النطق بشكل صحيح وواضح وذلك بسبب ضيق في عضلات الجذع، وهو ما جعله يرفض دائما المشاركة في الأنشطة الاجتماعية التي تقام داخل المركز.
ليبدأ بعد ذلك مرحلة العودة للطفل محمد عبر برنامج إعادة التأهيل الشامل بما في ذلك جلسات العلاج الطبيعي والوظيفي وعلاج النطق، ليحقق أولى النجاحات بعد أن تم قبوله في القسم التعليمي لتحسين قدراته المعرفية وبدء تعليمه الرسمي وتعزيز مهاراته الاجتماعية واللغوية وممارسة النشاطات المختلفة في الصف، التي مكنته من تقوية ثقته وتعزيز شخصيته، كما تم ايضا توجيهه لعمل إستشارة في عيادة العظام للمحافظة على هيكلة جسمه، كما تم تزويده ببرنامج منزلي مناسب لممارسة العلاج في المنزل بطريقة فعالة، قبل ان يخضع لتدخلات جراحية لتصحيح طول العضلات وتقليل صلابة الجسم وبعد الجراحة تم تزويده ببرنامج إعادة تأهيل يومي مكثف.
وبعد مضي ثلاثة أعوام أستطاع محمد المشي بشكل مستقل باستخدام المشاية، واستخدام كلتا يديه معاً بكفاءة عالية، وهو الأن مستقل في معظم أنشطة حياته اليومية، وأصبح قادرا على المشاركة في الأنشطة التعليمية واللعب مع إقرانه في الصف، وطريقة نطقه الان تكاد تكون طبيعية بالنسبة لعمره، وأصبح واثقاً من قدراته الجسدية والعلمية ويمكنه المشاركة بفعالية في حياته الإجتماعية.
في الجانب الأخر من قصة النجاح بالتأكيد هي عائلة الطفل والتي عانت الكثير قبل أن يكتب لابنهم تحقيق النجاحات الطبية، حيث يقول والده سعد الغامدي: “المراحل التي مرت على محمد كانت مؤلمة للجميع من أفراد عائلته وحتى اخصائيات المركز، لكن قدرة الله عز وجل، والعناية والإهتمام الذي وجده محمد في مركز الجمعية بمنطقة الباحة كان له بالغ الأثر في التطور الكبير الذي حدث له في جميع الجوانب النفسية والتعليمية والحركية والنطق والتخاطب، وهذا ما يجعلنا فخورين بالجمعية كواحدة من أبرز الصروح الطبية الشامخة في مخرجاتها وخدماتها النوعية المتميزة التي تقدمها على مدار اكثر من ثلاثة عقود، وهذا بلاشك يجعلنا في مصاف الدول التي تعالج قضية الإعاقة وبدون أي مقابل مادي في وقت يعاني فيه الكثيرون من عدم قدرتهم المادية على الإيفاء بالبرامج التأهيلية لأطفالهم .