من سخريات القدر في عصرنا الحاضر أننا مازلنا نتناقش اهلية المرأة لأن تكون فرداً معترفاً به في المنظومة البشرية الحاضرة .
هل لكم أن تتخيلوا أننا مازلنا نناقش ذلك في عصرنا هذا وكأن وجودها التكويني ليس سببا كافيا .
اسأل الله أن يهبني فوق العقل عقلاً كي استمريء ذهنية الذكور عموما و منذ أن حكموا الأرض ومازالوا بهذه الآلية المستبدة .
من سخرية القدر كذلك أن العقل البشري لا تنشط ميِّزَاته وتكتمل ديناميكيته الفكرية إلا تحت الضغط والإنسحاق بالكامل . نعم بالكامل حتى يظهر من الصافي عسلاً ومن الجافي حلاوة . وهذا ماجعل الذهنيات النسائية تبرع في مواهبها وتتخطى حدود الفلسفة المنظورة واللا منظورة خلال الوقت الذي انشغل فيه الذكور ف عمليات غسل الأدمغة وتشويها.
ذلك طبعا كان سببا رئيسا لاشتعال فتيل الثورات النسائية هنا وهناك على مختلف البقاع الجغرافية وبمختلف المستويات الثقافية والدينية.
مايندى له الجبين ويُعقد له الحاجبين أن جميع المطالب النسائية للأسف مازالت بكرا ولم تتعدى مرحلة الأساسيات بعد . مازلنا في مرحلة المطالب الرئيسية للعيش بكرامة.
حقوق يفترض أن تكون بديهية كبداهة انطلاق أنفاس الحياة الأولى :
الإعتراف بها كشريك مساوٍ للرجل في الحقوق والواجبات ، المواطنة وفتح ميدان العمل ، حرية الرأي والاستقلالية الغير تابعة إلا في حدود المصالح المشتركة !!!!!
لسنا في صدد مناقشة ماقد ينجم عن هذه المطالب مستقبلاً من تفرعات أو حساب مدى خطورتها لأن مايشغلنا الآن هو تحقيق ماقد سبق على الأقل حسب احتياج المرحلة . واثقة أنا بحدسي الانثوي أن مطالباً أكثر سمواً سوف تتوالد عنها . لأنها مطالب فئة بشرية أضطهدت دهورا ليست بالقليلة البتة وذلك كفيلٌ بجعلها تتشرب قداسة العدالة الإنسانية حد الإنصهار والتماهي. لايخفى على أحد أن مواطنة المرأة العربية مازالت عرجاء فهي غير مكفولة حتى في أبسط صورها . حقوقها تكاد تكون معدومة حتى في إبداء الرأي وناهيك عن مجرد التواجد في الشأن العام وماقد يتبعه من الوصم بالعار والرذيلة . قضاياها تزخر بها المحاكم من غبن وتدليس وسلب حق في إرث أو اضطهاد في نفقة و طلاق وخلع. وبعد ذلك كله ينشدونها الانتماء والولاء الغير مبرر. أيها الرجل المحترم والمستبد والغالي على قلب المرأة ولكنك لن تكون أغلى من نفسها صدقني إستعد باحترازاتك القوية واحتياطاتك المحكمة وذكائك المراوغ لانك مقبل على صحوة نسوية لن ينفعك فيها سوى وضع امرأتك أماً أو أختاً أو زوجةً أو بنتاً في مكانها الطبيعي والذي لم يأهله غيرها حتى الآن.
عليك الإبتعاد عن وهم سيطرتك الزائف الذي حاولت باستماتة بذر نواته سنيناً طويلة في ذهنها دون جدوى. لأنك حينها لن تجد لك حتى إمراة واحدة تتقبل مرافقتك مشوار حياتك اللامعقولة هذه وتقبل فكرة تعدد الألوهية معها لمرة واحدة ولن تكفر . فالمرأة على الأرض هنا لكي تعينها قبل أن تعينك على الحياة وليس ذنبها أبدا أنك جعلت القتل والدمار والنزاعات هي الديدن الأساس للمعيشة . فهي مازالت تحمل هاجس إعمار الارض بين جنباتها ومازالت كالفطرة الاولى تتدفق حياة وحبا ومنطقا وجمالاً كما أراد الله تماماً . ومن الأفضل لك الآن أن تتدارك مواقفك كلها قبل أن تُنزع منك الخلافة لصالحها