استهل إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور خالد الغامدي خطبة الجمعة قائلاً: أوصيكم ونفسي عباد الله بتقوى الله وخشيته في السر والعلانية فليس الإيمان بالتحلي ولا بالتهني ولكن بما وقر في قلب العبد من خشية الله وتقواه والكف عن محارمه وهواه (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
وذكر الشيخ الغامدي: إن من العوامل التي كتب الله بها الخلود والبقاء لدين الإسلام وضمن له الحفظ والصيانة من التحريف والتبديل أن جعله سبحانه قائماً على أصول ثابته وأركان متقنة ومحكمات مشيدة كفلت لدين الإسلام أن يبقى عزيزاً شامخاً ثابتاً ثبوت الرواسي.
وأضاف فضيلته: إن الاعتصام بمحكمات الشريعة وثوابتها المحكمة أصبح اليوم أكثر ضرورة من ذي قبل فالمسلمون بأمس الحاجة إليها وإلى تعلمها ودراستها وإشاعتها بين أفراد المجتمع وبناء الخطاب العلمي الدعوى والفكري والإعلامي عليها.
أيها المسلون : إن محكمات الشريعة وقواعد الدين هي الملاذ الآمن للأمة والسياج المنيع بعد توفيق الله وحفظة وهي مستمدة من نصوص الوحيين التي من تمسك بها فلن يضل أبداً ( كتاب أُحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )، وقال صلى الله عليه وسلم ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه).
وبيَّن إمام وخطيب المسجد الحرام: إن محكمات الشريعة وثوابتها كثيرة ومتنوعة تشمل كل جوانب الحياة، وهذا دليل بيَّن على مدى عناية الله بهذه الأمة وبدينها، ورحمته بها حيث أحاطها بهذا السياج والحصن الحصين من المحكمات والأصول التي تحفظ عليها دينها، فمن أمثلة المحكمات والثوابت وجوب عبادة الله وحده، وتحريم الشرك بكل صوره وأن الله وحده في ذاته وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته فليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وفي الخطبة الثانية أوصى فضيلته: بالاجتماع على كلمة محكمات الشريعة والدعوة إليه وتربية الصغار قبل الكبار عليها وحث الناس على التفقه والاعتصام بها هو واجب العصر اليوم على كل العلماء والدعاة والمعلمين والمربين ومن تسنم منا منابر التوجيه في كل الوسائل, فالأمة اليوم تتعرض لهجوم وعدوان غير مسبوق على عقيدتها وفكرها وثقافتها وهويتها وهذه المحكمات والثوابت إذا رسخت في القلوب والعقول ونشأت عليها الناشئة فإنها من أعظم الأسباب التي تحفظ الأمة من ضياع الهوية وفقدان التوجيه الصحيح.
أيها المسلمون: اعتصموا بهذه المحكمات والثوابت فهي حبل الله المتين, واجتمعوا عليها وتدارسوها وعلموها أنفسكم وأبناءكم وأهليكم فإنها النجاة والعصمة والفلاح, وعليكم بسنة سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام وسيرته العطرة المباركة واعملوا بها وأنشروها وأحيوها وعطروا بها مجالسكم.
واختتم فضيلته الخطبة بالوصية النبوية الجامعة المانعة قال العرباض بن سارية رضي الله عنه: صلى بنا رسول الله عليه الصلاة والسلام الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب, فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فماذا تعهد إلينا, فقال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ).