السوشيال ميديا … والشخصيات الزائفة
أضحت مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالسوشيال ميديا أهم عنصر جاذب لاهتمام الشباب من
الجنسين في وقتنا الراهن، فميزت القرن و صنعت بسهولة استخدامها و سرعة طفرتها تحول لافت بين
الأمس و اليوم. فعند ظهورها كان الغرض منها تقريب الناس و تسهيل التواصل و التلاقي، و لكنها
سرعان ما تحولت إلى أداة يخفي الكثيرون وراءها شخصيات ربما لم تكن لديهم الجرأة لإظهارها على
أرض الواقع، و قد يكون ذلك بدافع حساسية بعض المواضيع التي يصعب النقاش فيها دون احتدام
الاراء، أو قد تكون مواضيع صنعت لها طبيعة مجتمعاتنا و ثقافتنا طابوهات، فيندر الحديث عنها علنا
خشية من خدش الحاجز العام. و مهما تعددت الأسباب و العلل يلجأ المتخفين وراء وسائل التواصل
الاجتماعي إلى التنفيس بكل ما أوتو من جرأة ليخلقوا بذلك شخصيات منافية تماما لتلك التي يظهرون
لمن حولهم بأسماء و بيانات مزيفة حرصا على أن يعرفوا فتنكسر صورة حرصوا على رسمها في
أذهان من حولهم على أرض الواقع. فنرى من يتبوأ منزلة المحلل السياسي الذي يضرب أخماسا
بأسداس وذاك من يلقي باللوم على فئة معينة تحت مسمى الاختلاف العرقي و الطائفي، و بين هذا و
ذاك من يتصيد مظاهر البهرجة موثقا اياها عبر صفحات التويتر أو الفيس بوك أو الانستغرام بدافع
لفت الانتباه و التفاخر ليرفع سخط البسطاء على واقعهم، و في الحقيقة تعدد أنواع الشخصيات التي قد
يظهر بها الناس على صفحات السوشيال ميديا قد يطول و لكن المتفق عليه أنها صنعت وسطا يتميز
بازدواجية مخيفة تندر فيها عناصر الثقة. و المثير للانتباه أن بعض هذه الشخصيات الزائفة وجدت
طريقها للتلاعب بالعقول و نشر الفتن و الفساد حيث أطلقت العنان لما تخفيه , جارة خلفها عددا من
المقتدين الذين لا يبذلون أي جهد في البحث و التنقيب عن الحقائق ، خاصة و أنه من المعروف أن أكثر
مستخدمي السوشيال ميديا هم من الشباب،و ماتجدر الاشارة إليه و إن اختلفت وجهات النظر فيه هو أن
البعض يمكن أن يعتبر السوشيال ميديا السبب وراء بروز ظاهرة ازدواجية الشخصية كونها عالم
افتراضي من المتوقع أن يكون كل ما عليها غير حقيقي و ملموس، إلا أن العقل البشري و الوازع
الأخلاقي قد ينفي تماما مسؤولية وسائل السوشيال ميديا عن ذلك كونها في النهاية تبقى وسيلة وجدت
لتسهل وتسريع التواصل و يفترض أن يكون الانسان هو المتحكم فيها و ليس العكس، فالشخصيات
بنمطية ظهورها على السوشيال ميديا يمكن أن نصادفها في الحياة اليومية ، لكن ربما ظاهرة التخفي
وراء شاشات يصعب معرفة حقيقة هوية من خلفها أظهرت جوانب في بعض الشخصيات تكون في
العادة مدفونة عميقا لتفادي الاحراج و النقد، و في كل الاحوال تبقى وسائل التواصل الاجتماعي طفرة
تكنولوجية هدفها الأول و الأخير خدمة البشرية و مما لاشك فيه أن تفعيل الرقابة على مستخدميها إلى
حد ما يدير عجلتها لتصب بايجابية في وادي التنمية.
05/11/2017 1:57 م
لا يوجد وسوم
6
108008
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3149425/
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائر
05/11/2017 في 3:10 م[3] رابط التعليق
كلام جميل شكرًا
(0)
(0)
بن زري
05/11/2017 في 10:33 م[3] رابط التعليق
مقالاتك رائعة ومشبعة للعقل وهذا هو دأبك أخي محمد.
والى مزيد من التقدم وانت اهل لكل خير.
ننتظر المزيد.
(0)
(0)
بن زري
05/11/2017 في 10:35 م[3] رابط التعليق
مقال رائع كعادة مقالاتك وطرحك اخي محمد.
في انتظار القادم
(0)
(0)
زائر
22/11/2017 في 11:48 م[3] رابط التعليق
مقال في قمه الروعة لانه يتكلم عن واقع نعيشه فعلا فاصحبنا في وقت لا نستطيع الاستغناء عن هذه البرامج في مقابل الاستغناء عن الجلوس مع الأصدقاء والاهل
سلمت أستاذ محمد
(0)
(0)
زائر
22/11/2017 في 11:50 م[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)
زائر
23/11/2017 في 12:54 ص[3] رابط التعليق
مقال قمه في الروعة يتحدث عن واقع نعيشه فأصبحنا في زمن لا نستطيع الاستغناء عن برامج التواصل نجلس بتواصل مستمر بالساعات على السناب وتوتير والفيس والانستقرام وألواني وغيرها
لكن لا نجلس لمده ربع ساعه مع اهلنا أو اصدقاىنا فنحن لا نستغني عن الجوال
احسنت اختيار موفق وكلام معبر
قدمت متألقا أستاذ محمد …
(0)
(0)