الصناعة الصحفية (التقليدية) وصحافة الإعلام ( الجديد ) من يتجاوز الآخر ؟
يبدو أن الصحافة الورقية باتت تعاني من هجران ( الخلان) من ( جمهورها ) ( القديم ) في زمن الإعلام (الجديد ) و(المتسارع ) ، والمتسرع في ذات الوقت مع أنها إجمالاً ذات مصداقية ، واحترافية ، وتعد مصدراً يعتمد عليه باطمئنان في قراءة الخبر ، والعزو إليها عند نقله .
ومنذ سنوات قليلة فائتة ، وأنا أَجِد المهتمين بمتابعة ما ينشر في صحفنا يسارعون في متابعة كل جديد فيها منذ الصباح الباكر ، وقد وصل الأمر ببعضهم لمطاردة سيارات النشر والتوزيع أثناء توزيعها على منافذ البيع ، وعلى اختلاف مشاربهم ، واهتماماتهم المتنوعة ما بين قراء لجديد مشاهير كتاب الصحف ، وما بين متابعي الأخبار المحلية في بلادنا الغالية حفظها الله ، وما بين شغوف بملاحقة الشأن الرياضي أو الثقافي ، وغير ذلك .
ولكن الصورة اختلفت الْيَوم فالخبر أصبح أسرع من الضوء ، وينتشر كالنار في الهشيم ، والذين بالأمس كانوا يطاردون أوراق الصحف الرقيقة المطبوعة أصبحوا الْيَوْمَ لا يجدون صعوبة في تلقي الخبر وهم يأخذون الخبر بصور متعددة ، ومن مصادر متنوعة ، وفِي إشعار على شاشة الجوال الذي لا يفارق أعينهم من الأساس ، وفي تصوري أن الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ، وإن كانت مملؤة بالغث والسمين ، والنافع ، والضار ؛ شأنها كشأن غيرها من الابتكارات ، والمنتجات إلا أنها أدت لوجود خلل كبير واضح في الصناعة الصحفية ،وأقصد تحديداً أنها أثرت على الصحافة الاحترافية التي تقوم على :
المهنية ، المصداقية ، الحرفية ، وتعنى بجودة ما تقدمه ، وتقدم المصالح الوطنية ، والاجتماعية على المصالح الفردية الضيقة التي من بينها السعي للشهرة ، وكسب المتابعين ، وإن كان ثمن ذلك الأمر نشر الأكاذيب ، وافتعال الأخبار المغلوطة ، ولعل المتابع لعشرات بل ربما مئات المواقع ، والصحف ، والمجلات على تنوعها ،واختلاف مصداقيتها ،وحتى جودة الإخراج الفني لها يدرك بوضوح أن جزءاً كبيراً لا حاجة لنا به ؛ لأنها ببساطة فضلاً عن فقدان المصداقية فيما ينشر تجد لغةً ركيكة ، وأسلوباً باهتاً ، وإخراجاً فنياً لا يقل رداءةً عن المضمون .. استثني من ذلك بعضاً من تلك الصحف ، والمواقع الثقافية الإلكترونية ،والتي أثبتت أنها محل الاحترام من القارئ ، وأنها كذلك تسعى لمصلحة الوطن ، والمجتمع ، وتقدم ما يستحق الاحترام ، والإعجاب ، والثقة من المتلقي .
بدر محمد آل سليمان
أبها