من المؤكد أن المغرضين وأعداء الخارج لن يهنأ لهم بال كلما أدركوا أن السعودية تتقدم نحو الأمام..وسيحاولون جاهدين التقليل من نجاحاتها والإساءة لتوجهاتها الاقتصادية ومواقفها السياسية وعلاقاتها الدولية..والسعي لثنيها عن طموحاتها..ووضع العراقيل أمامها لإفشالها..عبر التشكيك في مواقفها وأعمالها وخططها..أو اختلاق الإشاعات وحياكة القصص وفبركة الأخبار ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي..من أجل زعزعة ثقة المواطن في حكومته ومن ثم بث الرعب في نفسه والخوف على مستقبله..فيصبح عامل هدم لا عامل بناء..والإساءة للعلاقات البينية بين السعودية ومحيطها العربي والإسلامي وصداقاتها وشراكاتها الدولية..والتشكيك في قدراتها الإدارية وملاءتها المالية واستثماراتها واحتياطياتها..وغير ذلك وغيره الكثير..وهذه الحيل تدخل ضمن دائرة الحقد والحسد والغل..وضمن الحروب المعنوية المعروفة التي تستهدف المجتمع..ولكن المواطن السعودي أثبت باستمرار وعيه بمحيطه وما يحاك له وثقته في دولته والتحامه مع قيادته..ولن تنطلي عليه مثل هذه الأمور..ولذا فإن العداء الخارجي ليس موضوع هذه المقالة.
إن من يزعجني حقاً هم فئة قليلة من أصحاب الأهداف الضيقة والمصالح الخاصة من الداخل..الذين..لا أقول يعترضون..ولكنهم يشككون في نجاح الرؤية..أو يريدون تأجيلها أو تعطيلها أو تكييفها وفق مصالحهم..أو حتى إفشالها..وسأحاول أن أجمع هؤلاء تحت أربع فئات:
1- فئة المنتفعين من التستر..فهؤلاء لن تسرهم الرؤية كثيراً لأنهم يعلمون أثرها على أرباحهم..فالمتستر لن يكون العامل الأجنبي مصدر دخل يدر عليه الأرباح وهو(منسدح)في بيته كما كان..بل أصبح وجوده هماً ومسؤولية كبيرة وراءها ما وراءها من الخسائر والاستحقاقات المادية والقانونية..ولم يعد أمامه إلا توظيف السعوديين..أو العمل بنفسه..أو إغلاق نشاطه وتسريح عماله..ولعل برنامج حماية الأجور المرتبط بمؤسسة النقد والمحاسبية العالية للدخل والرواتب وربطها بالتحويلات للخارج سيسرع من القضاء على ظاهرة التستر..ومن المهم توسيع البرنامج وربطه بمصلحة الزكاة والدخل والتأمينات الاجتماعية ووزارات العمل والتجارة والداخلية لتحقيق أعلى درجات الضبط..حيث إنه يمكن من خلاله الاطلاع على العوائد المادية واقتطاع نسبة الزكاة بشكل مباشر..ومعرفة نسب السعودة وتسكين طالبي العمل من السعوديين المؤهلين على الوظائف ذات المردود العالي..وتحديد الأجور للأجنبي..ومراقبة الأموال والتحويلات الخارجية..وضبط دعم الوظائف في بعض القطاعات التي تدعمها الدولة..وغير ذلك الكثير.
2- فئة المنتفعين من إنفاق الدولة السخي..فمن المؤكد أن من تعيش مؤسسته أو شركته على الإنفاق الحكومي والمشاريع والمشتريات الحكومية لن تسره الخصخصة ولا عقود الشراء الموحدة..ولم يعد بإمكانه سوى تغيير نشاطه ليكون منتجاً ومنافساً قوياً وفق توجه الرؤية..التي ستخصص غالبية خدماتها وستتيح للأجنبي الدخول إلى السوق وامتلاك استثماراته بالكامل..وستكون المنافسة محتدمة جداً وعلى أرباح معقولة وليست هائلة ومبالغاً فيها ودون حساب كما كان..والشركات الطفيلية المترهلة لن تستطيع البقاء..ونتمنى أيضاً كسر احتكار الوكالات بشكل عملي..وليس نظرياً فقط كما هو حاصل اليوم..فقد أضر الاحتكار بالمستهلك كثيراً..وحان الوقت لإيقاف هذا النزيف.
3- فئة الأجانب أنفسهم..فهؤلاء الذين يحتكرون السوق ويجنون أرباحه..ويسيطرون على قطاعات كاملة فيه ويشكلون عصابات طاردة لكل سعودي يفكر مجرد تفكير في منافستهم..لن يسرهم أن تحدد لهم الدولة أجورهم وتراقبها..وتراقب تحويلاتهم وتحد من نهبهم لخيرات هذا البلد..ولن يسرهم أن ترفع الدولة دعمها عن الخدمات كالكهرباء والماء والوقود وغيرها..وأن تحرر أسعار الكثير من السلع وتفرض على بعضها ضرائب..وأن ترفع الرسوم مقابل بقائهم وبقاء عوائلهم..لأن كل ذلك يمس أرباحهم بشكل مباشر..ولن تعوضهم الدولة مثلما تعوض المواطن عبر(حساب المواطن)..ولن يبقى أمامهم إلا قبول منافسة السعودي لهم والتعامل معه صاغرين..أو امتلاك مشروعهم الخاص وتحمل كافة النفقات ودفع فواتير الخدمات التي كانوا يحصلون عليها مثلهم مثل السعودي..أو الانضواء بشكل عملي في وظيفة حقيقية براتب محدود في نفس مواقعهم..أو المغادرة..ولذا فإنني أتوقع أنهم لن يتبرعوا بنقل خبراتهم إلينا..كما أنني أخشى أن يورطوا الكثير من السعوديين بقروض واختلاسات وغيرها قبل أن(يهجّوا)من البلد..ومن المتوقع وبشكل كبير أن يتسببوا في إفلاس العديد من الشركات والمؤسسات..وسنرى بعد أن تغلق غالبية المحلات التجارية والمعامل والمصانع أبوابها أن السعودي لم يكن سوى اسم على لوحة المحل وفي سجلات الغرف التجارية والصناعية وغيرها وأنه لم يكن يملك شيئاً في الحقيقة.
4- فئة المنتفعين من الدروشة..الذين يريدون استمرار تغييب المجتمع وتعليبه وتكييفه..وتزهيده حتى في قيم العمل والإنتاج وكل ما يتعلق بالحياة الدنيا..وإدخاله في عداءات وصراعات هوائية ومذهبية وطائفية..لتبقى لهم السيطرة حتى على أحلام الناس..إن هؤلاء لن يسرهم انطلاق المجتمع نحو التفكير وانشغاله عنهم بالإنتاج والإبداع وصرف وقته في ما يعود عليه بالمنفعة بدلاً من إهدار الوقت والجهد والمال في مطاردتهم ومطاردة أقوالهم وأفعالهم وآرائهم وخلافاتهم والجلوس إلى ركبهم..لن يسرهم انفضاض السامر من حولهم وخسارة الأتباع والجماهير الذين يمثلون لهم مصدر دخل مادي كبير جداً..عندما جعلوا منهم نجوماً وقدموهم إلى صدر المجالس والقنوات وعقدوا لهم المحاضرات وأعدوا لهم حتى برامج تفسير الأحلام(والساعة بخمسة جنيه والحسابة بتحسب)..كما أنه لن يسرهم مراجعة الدولة للوظائف وعضويات اللجان ومراقبتها والحد من الجمع بين أكثر من وظيفة..ولن يسرهم التوجه إلى الرقابة الصارمة على حركة أموال الجمعيات الخيرية وعلى الأنشطة الدعوية وعلى جمع التبرعات بشكل عام..ولن تسرهم خصخصة التعليم أبداً..لأن المستثمر الأجنبي سيضع نصب عينيه تقديم خدمات تعليمية تغري المجتمع وتحقق تطلعاته وتطلعات الرؤية ذاتها ليحقق الأرباح من وراء ذلك..ولا أظن أن مناهج الحُقَّة والبدَنَة ستحقق له ربحاً كما يأمل..لن يسرهم انفتاح المجتمع نحو الترفيه والحياة الطبيعية المسالمة الخالية من الشحن والتأجيج العاطفي..لأن كل ذلك ببساطة سيعني انكفاءهم على أنفسهم وانطفاء هالة القداسة التي صنعوها لأنفسهم..ونزع البركة من بصقاتهم..وعودتهم إلى مواقعهم الطبيعية كبشر عاديين لا يأبه بهم أحد إلا في حدود أخلاقهم وتعاملاتهم..لا في حدود مظاهرهم وعباداتهم.
أخيراً..فإن رؤيتي للرؤوية أنها..تغيير جذري كبير..ربما لم ينتبه له الكثيرون ولم يتم استيعابه أو توقع آثاره إلى الآن..إنه تغيير في مفاهيمنا وقيمنا..في ثقافتنا..في عاداتنا وتقاليدنا..في اهتماماتنا..إنها(إعادة برمجة)للمجتمع في كافة الاتجاهات..نحو الأفضل بمشيئة الله..ومن واجب المواطن السعودي الآن الاستعداد ليصبح عاملاً فاعلاً منتجاً مشاركاً في بناء وطنه بكل قوة..وإلا فإنه سيكون على الهامش..بل على الرصيف..ولا مكان للضعفاء ولا مكان(للصرمحة)والتواكل والاتكال والكسل مع الرؤية.
كما أنه من واجب المختصين..كل في مجاله..أن يخرجوا ويبينوا ويشرحوا للناس أهداف الرؤية وبرامجها وأثر كل ذلك على حياتهم ومستقبل أبنائهم..وأن يعمل الجميع ليكونوا سداً منيعاً ضد من يستهدف وطنهم ويحاول النيل منه.