عجباً كيف أصبحنا مقيدين بمصطلحات ومقولات ليست بقرآن ولا سنة؟! ثم وضعنا لها قداسة ورفعناها فوق منزلتها؛ حتى أن الشخص إذا حاول المساس بها أصبح عرضة للهجوم والقذف والتكفير.!
فمن تلك المصطلحات المقدسة والدارجة وليس للحصر!! كلمة (إسلامي أو إسلامية أو إسلاميين) فأصبحت المنظمة_بغض النظر عن توجهاتها_ التي تريد الشعبية وفي نفس الوقت تريد اكتساب الحصانة الدائمة ليس عليها إلا أن تطلق على نفسها أحد تلك المصطلحات،
وليكن مثلاً ( الجماعة الإسلامية)، اتخذت لنفسها من ذلك المصطلح سداً منيعاً وحرزاً حصيناً لنفسها، فكلمة إسلامية للحصانة فقط ليس إلا!!! فجاء الإيحاء للمجتمع بأن انتقادها يعني انتقاداً للإسلام وهنا تقع الإشكالية.
ولكي تعلم أنها أصبحت كلمة مقدسة حاول أن تقول (العمارة الإسلامية ليست جميلة) سوف تتلقى سيل من الشتائم، علماً بأن العمارة قد يكون من صممها وشيدها شخص غير مسلم، ولو افترضنا جدلاً بأن من صممها أو شيدها شخص مسلم فهي في النهاية من صنعنا نحن البشر سواء بأيدي المسلمين أو بأيدي غيرهم، أي لا علاقة لها بالدين لا من قريب ولا من بعيد ولكن لوجود مصطلح إسلامية أصبحت محصنة من الإنتقاد،
علماً بأن مصطلح (إسلامي وإسلامية وإسلاميين) لم ترد في القرآن، بل ما وردت هي ألفاظ (مسلمين ومسلمون ومسلماً ومسلمة)، وقد يتبادر للذهن بأن هذه المصطلحات هي فعلاً المصطلحات الحديثة والتي انتشرت بين المثقفين والعلماء والمفكرين انتشار النار في الهشيم، إلا أن تاريخ ظهورها أو استخدامها بشكل محدد لم يعرف بعد،
وقد يحتاج ذلك الأمر بحثاً علمياً تشرف عليه مؤسسات علمية لها خبرة ودراية في هذا المجال، إلا أن هناك من أشار إلى أن تلك المصطلحات ذكرها أبي الحسن الأشعري وبن خلدون وبن تيمية والجاحط وعند بعض علماء الكلام، كما أن هناك من العلماء من أستخدمها استخداماً تاريخياً للتفرقة بين من ولدوا في عصر الإسلام الأول ولم يشهدوا الجاهلية ومن ولدوا وعاشوا في الجاهلية وماتوا قبل الإسلام.
أما "المقولات" فتداولها البعض واستخدمها ليرفع نفسه فوق البشر أو ليرفع غيره أو ليعصم نفسه أو ليعصم غيره من النقد، ولم يعلم أنه بشر مهما ارتفع فإنه يخطيء وأنه غير معصوم،
وهذا لا يعني أننا لا نقدر له علمه أو لا نحترمه أو نتجاهله ولا نأخذ بقوله ولا نتعلم منه!! بالعكس نفعل كل هذا ونحبه أيضاً، ولكن عندما يخطيء ننتقده وهذا لا يعني أننا نكرهه،
(فالنقد لا يعني الكراهية) وهذه من الأشياء التي أصبح يعتقدها العالم قبل العامي للأسف فصار يعتقد ان النقد هو الكراهية، وهذا من التعصب الذي نهي عنه،
ومن المقولات التي باتت ذات شأن وتستخدم للردع واكتسبت قداسة حتى أصبح البعض يعتقد أنها حديث واستغلها البعض ليختبئ خلفها في حال أخطأ ثم واجهه نقد وهي مقولة (لحوم العلماء مسمومه)،
والحقيقة أن من قالها هو العالم الحافظ ابن عساكر ذو المذهب الشافعي، وذلك عندما نشبت بينه وبين الحنابلة خلافات فقهية فوجهوا إليه أسهم نقدهم فأراد أن يمنعهم عن ذلك فقال لهم تلك العباره،
لهذا يجب أن نعلم أننا نقدس بعض الأشياء دون أن نعلم ماذا تعني، وللأسف أصبحت هذه المصطلحات و المقولات تستخدم لردع الناس؛ لكي لا ينتقدون ولكي ترفع بعض البشر فوق منزلتهم ولكي يصبح الإنسان مقيد فيعتقد أنه بانتقاده الجماعة الفلانية أو الشخص الفلاني أو البناء الفلاني ولمجرد إضافة كلمة إسلامي أو إسلامية بجانبه أنه ينتقد الدين وهذا استغلال بغير وجه حق،
فلابد أن نصحح مسارنا وهذا يحتاج الكثير، ومن هذا الكثير الذي أتمنى أن يصحح ويبين هو هذه المصطلحات والمقولات ، وهذا يكون بمعرفة تاريخ الكلمة وماذا تعني ومتى تستخدم وأين تستخدم ومن قائلها، ويجب على علما الدين وعلى الباحثين أن يوضحوا هذه الإشكالات للناس ليعود كل شيء لمكانه الطبيعي ولكي لا تستغل المصطلحات والمقولات بشكل غير صحيح.